شئون عربيةأخبار العالم

جذور الأزمة الحدودية بين أوغندا وجنوب السودان ..الإشتباكات تثير القلق الإقليمي

كتبت: د. هيام الإبس

تشهد العلاقات بين أوغندا وجنوب السودان توتراً غير مسبوق بعد اندلاع اشتباكات دموية بين جيشي البلدين، خلفت قتلى ونزوح آلاف المدنيين، وسط تصاعد التوترات بسبب نزاع حدودي قديم لم تُحسم ملامحه منذ الحقبة الاستعمارية.

نقطة انفجار مؤجلة

رغم أن النزاع الحدودي بين الدولتين ليس جديداً، فإن القتال بين جيشي البلدين نادر الحدوث، ما يجعل الاشتباكات الأخيرة تطوراً مقلقاً قد يعيد رسم خريطة التحالفات الهشة في منطقة شرق أفريقيا.

اندلعت المواجهات، بحسب تقارير رسمية، في بداية الأسبوع الماضي عندما دخلت قوة من جنوب السودان إلى منطقة غرب النيل التابعة لأوغندا، ما دفع الجيش الأوغندي للرد بقوة، متسببًا في مقتل أربعة جنود على الأقل، بينهم جندي أوغندي وثلاثة من جنوب السودان.

نزوح وتصعيد

تسببت المواجهات في نزوح آلاف المدنيين من المناطق الحدودية المتأثرة بالعنف، وسط مخاوف من توسع رقعة الاشتباكات لتشمل مناطق جديدة داخل الدولتين.

وتزامن التصعيد مع حالة عدم استقرار داخلي تعيشها جنوب السودان، على خلفية التوترات بين الرئيس سلفاكير ونائبه ريك مشار، ما يثير تساؤلات حول توقيت هذه الأزمة وحدود تأثيرها على المشهد السياسي والأمني في البلاد.

روايات متضاربة وخطاب متشنج

الجيش الأوغندي، عبر المتحدث باسمه اللواء فيليكس كولايجيي، أكد أن قوات جنوب السودان أقامت معسكراً داخل الأراضي الأوغندية ورفضت الانسحاب، مما استدعى الرد العسكري. في المقابل، نفى جيش جنوب السودان هذه الرواية، مؤكداً أن الاشتباك وقع داخل مقاطعة كاجو كيجي، على الجانب الجنوبي، وأن القوات الأوغندية هي من بدأت الهجوم باستخدام دبابات ومدفعية ثقيلة.

جذور الأزمة: ترسيم مؤجل منذ الاستعمار

تعود جذور النزاع إلى الحقبة الاستعمارية عندما رُسمت الحدود بين السودان (الذي كانت جنوب السودان جزءًا منه) وأوغندا دون حسم واضح للملكية، رغم محاولات متكررة لتشكيل لجان مشتركة لترسيم الحدود.

ورغم تعهدات متكررة من قيادتي البلدين بحل النزاع، فإن غياب الإرادة السياسية وتأجيل ملف الترسيم ساهم في إبقاء الأزمة مشتعلة وقابلة للانفجار في أي وقت.

دور أوغندا المزدوج: وسيط أم طرف؟

ظلت أوغندا حتى وقت قريب أحد أبرز حلفاء جنوب السودان، ولعبت دوراً محورياً في دعم الرئيس سلفاكير خلال الحرب الأهلية (2013 – 2018) ضد نائبه ريك مشار. إلا أن تدخلها العسكري المتكرر، ونشرها لقوات داخل الأراضي الجنوبية، باتا محل انتقاد من معارضي سلفاكير، الذين يتهمون كمبالا بالتدخل السافر في الشؤون الداخلية لبلادهم.

تحذيرات أممية وتوتر شعبي

في مايو الماضي، حذرت منظمة العفو الدولية من أن تزويد أوغندا لحكومة جنوب السودان بالأسلحة يمثل انتهاكًا لحظر السلاح الذي فرضه مجلس الأمن بموجب اتفاق 2018. كما دعت الأمم المتحدة إلى تطبيق هذا الحظر بشكل صارم.

التوتر الشعبي في جنوب السودان انعكس على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المواطنين عن غضبهم من صمت السلطات حيال ما وصفوه بـ”الانتهاك الأوغندي للسيادة الوطنية”.

لجنة تحقيق مشتركة.. هل توقف الانفجار؟

وفي أعقاب التصعيد، أعلنت الدولتان عن تشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في الأحداث واحتواء الأزمة، وسط دعوات دولية وإقليمية لوقف التصعيد وضبط النفس.

غير أن مراقبين يرون أن الأزمة الحالية تكشف هشاشة التحالفات في جنوب السودان، وتثير تساؤلات جادة حول مستقبل العلاقة مع أوغندا، لا سيما في ظل الانقسامات الداخلية المتزايدة والتراجع في تنفيذ اتفاق السلام لعام 2018.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى