جنرال اسرائيلي ،: اسرائيل ستدفع ثمنا فادحا لقمعها مسيرات العودة

 

كتبت/سوزان الخليلي.

صرح عاموس يادلين إن ما تحققه المسيرات الشعبية على حدود قطاع غزة من شعور بالانتصار لدى الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، من شأنه أن يصعد من مستوى المواجهة في ساحة غزة، لا سيما أن هذه المسيرات تفرض تحديا أمنيا على إسرائيل، موجها ما اعتبرها توصيات لدوائر صنع القرار في تل أبيب.

وطالب عاموس يادلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، من دوائر صنع القرار في تل أبيب، بإفساح المجال لوسائل الإعلام الدولية لتغطية الأحداث عن قرب، وإبلاغ الدول العربية المعتدلة أولا بأول؛ لنفي الرواية الفلسطينية عما يحصل على حدود غزة.

وهناك ضرورة للتجهز الجدي لإمكانية اندلاع مواجهة عسكرية جديدة في غزة من خلال التزود بوسائل قتالية وتفعيلها، وتكثيف جمع المعلومات الأمنية عما يحصل في غزة، لمعرفة نوايا المنظمات الفلسطينية بالضبط تجاه ما قد يحصل من تطورات مستقبلية، والتأهب لإمكانية وصول هذه التوترات الأمنية في عزة للضفة الغربية

وأوضح يادلين في ورقة بحثية نشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، الذي يترأسه، ، أن الفلسطينيين يعبرون عن انتصارهم على إسرائيل من خلال هذه المسيرات التي أعادت قضيتهم لصدارة الأحداث، ووجدوا فيها إستراتيجية جديدة أكثر جدوى في مواجهة إسرائيل، دون الدخول في حرب عسكرية، حتى الآن.
كما كشفت هذه المسيرات صورة إسرائيل وهي تستخدم قوة مفرطة تجاه المتظاهرين، واستمرارها في فرض الحصار على القطاع، رغم أجواء الرضا التي تسود المؤسسة الأمنية والسياسية الإسرائيلية لأنها تمكنت من منع المتظاهرين الفلسطينيين من اجتياز خط الهدنة، وحال دون تشكيل خطر جدي على المستوطنات الموجودة ضمن غلاف غزة.

وهناك أهمية لإحباط وضع عبوات ناسفة على طول السياج الفاصل، وعدم إطلاق النار باتجاه القوات العسكرية، بحيث لم يقع قتلى إسرائيليون من الجنود أو المستوطنين، الذين قضوا أعياد الفصح دون إزعاج.

وأشار يادلين، وهو من أكبر طياري سلاح الجو الإسرائيلي، وأكثرهم خبرة، أن الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، دفعا أثمانا ليست سهلة خلال الأسبوعين الماضيين؛ فقد سقط من الفلسطينيين عشرات القتلى والجرحى، وحصل تراجع ما في أعداد المتظاهرين في يومي الجمعة الماضيين.

أما إسرائيل، فقد دفعت ثمنا هي الأخرى، ومنيت بخسائر قاسية، حيث تلقت انتقادات دولية قاسية وخطيرة لم تسمع بها منذ سنوات طويلة، كما عادت القضية الفلسطينية للصدارة الدولية، ولولا الدعم الأمريكي للموقف الإسرائيلي، لكانت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة في طريقها إليها.

كما تجلت العزلة التي تعانيها إسرائيل في أروقة الأمم المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فضلا عن الانتقادات الداخلية التي ظهرت داخلها حول التساهل في تعليمات إطلاق النار باتجاه المتظاهرين الفلسطينيين، وما قيل عن عدم التناسب في استخدام القوة، وعدم اللجوء لوسائل لتفريق المتظاهرين الذين حاولوا اجتياز الحدود دون إيقاع ضحايا في صفوفهم.

وأشار يادلين إلى أنه طالما أننا نخوض صراعا غير متكافئ بين الجانبين، فمن الواضح أن كلا منهما سيعلن أنه حقق انتصارا على الطرف الآخر، فإسرائيل دافعت عن سيادتها، والفلسطينيون كسبوا الجولة المعنوية على صعيد الرواية السياسية حول العالم.

وهذه المسألة بالذات المتعلقة بالتفوق في ترويج الرواية لأحد الطرفين قد تدفع لرفع مستوى المواجهة الحاصلة حاليا على مشارف غزة، لا سيما أن الفلسطينيين يرون في محاولات اقتحام الحدود وخط الهدنة أمرا إيجابيا، ولن يتفاجأوا إذا تواصلت المظاهرات وزادت من مستوى الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي.

ووضع يادلين سبعة مبادئ أساسية يجب على إسرائيل أن تعمل بموجبها لمواجهة مسيرات العودة الفلسطينية، على النحو التالي:

1-التأكيد على أنها انسحبت من قطاع غزة حتى آخر سنتيمتر وفق حدود 1967، وهو الخط الأخضر، وبناء عليه قامت بفكفكة المستوطنات، وبالتالي فإن رفع علم العودة للفلسطينيين داخل حدود إسرائيل يعني القضاء عليها، عبر اجتياح بشري واسع وكبير غير مسلح نحو خط الهدنة.

2-على إسرائيل أن توضح المعايير العامة لاستخدام النار الحية بمواجهة المتظاهرين، للدفاع عن حدودها، ومنع تنفيذ أي عمليات مسلحة داخلها، بجانب إجراء تحقيقات ميدانية مهنية لكل الحوادث التي تقع، لا سيما حين لا تكون حياة الجنود معرضة للخطر.

3-الجيش الإسرائيلي مطالب بتوفير المزيد من الإجراءات الأمنية لحماية الحدود من مغبة تنفيذ عمليات إطلاق نار، ووضع عبوات ناسفة، والمس بالجدار الحدودي، وتعريض حياة الجنود، وعرض ذلك أمام الجمهور والرأي العام الدولي، من خلال بث فيلم وثائقي يوثق كل ذلك، ويوزعها على وسائل الإعلام، لأن صورة واحدة تساوي ألف كلمة، وفيلم واحد يساوي ألف صورة.

4-من الأهمية بمكان إشعار إسرائيل للدول العربية المعتدلة بآخر التطورات عما يحصل على حدود غزة، خاصة مصر والأردن والسعودية، وتسعى من ذلك لتفعيل أدوات الضغط على الفلسطينيين من جهة هذه الدول العربية البراغماتية؛ للتوقف عن تفعيل المزيد من المسيرات باتجاه خط الهدنة.

5-واضح أن إسرائيل والفلسطينيين في غزة يخوضان سباقا مع الزمن، ما يتطلب من الجيش الاستعداد أكثر للمواجهة القادمة، تحضيرا ليوم المظاهرات الأكبر في أواسط مايو/ أيار القادم.

6-إسرائيل مطالبة بالاستعداد لفرضية صعبة، تتمثل بتدهور هذه المسيرات لطابع عنيف يضاهي ما حصل في الحروب الثلاث الأخيرة على غزة بين عامي 2008-2014: الرصاص المصبوب، وعمود السحاب، والجرف الصامد، بحيث تبدأ المواجهة العسكرية القادمة عقب عملية مفاجئة يقوم بها الفلسطينيون.

7-هناك أولوية لأن تبدي إسرائيل جاهزية ما لأن تصل مظاهرات غزة لمناطق الضفة الغربية حيث تسيطر السلطة الفلسطينية، أو حتى داخل إسرائيل.

وختم يادلين دراسته الموسعة بالقول إن كل هذه المعالجات ضرورية وهامة، لكنها لا تغني عن توجه إسرائيل للسبب الحقيقي في اندلاع هذه المظاهرات، وهي الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، فبعد منتصف أيار القادم سيأتي شهر رمضان، ثم الصيف الحار اللاهب، وحينها سنعود للأزمة والضائقة الإنسانية ذاتها، ما سيجعل من أي حلول مؤقتة غير مجدية، وقد يعجل بانفجار القنبلة المتكتكة المسماة غزة في وجه إسرائيل.

Exit mobile version