
كتبت : د.هيام الإبس
سلطت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان الضوء على التدهور الحاد فى الوضع الإنسانى فى السودان، بعد مرور أكثر من 900 يوم على اندلاع الحرب التى أشعلتها مليشيا الدعم السريع، مشيرةً إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبت بحق المدنيين، شملت القتل الجماعى، العنف الجنسى، تجنيد الأطفال، وتدمير البنية التحتية، إضافة إلى الحصار المفروض على مدينة الفاشر والذى تسبب بكارثة إنسانية خطيرة.
جاء ذلك خلال فعالية نظمتها المؤسسة داخل قصر الأمم المتحدة بجنيف تحت عنوان: “حقوق الإنسان فى السودان”، على هامش الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
انتهاكات ممنهجة وشهادات ميدانية
فى افتتاح الفعالية، أكدت مارينا صبرى، مديرة وحدة الآليات الدولية بمؤسسة ماعت، أن الحرب فى السودان تمثل “واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية فى العالم”، مضيفةً أن النساء والأطفال هم الأكثر تضرراً ، موضحةً أن أكثر من 9 آلاف طفل جندوا قسراً من قبل مليشيا الدعم السريع، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى الإنسانى.
أما أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت، فكشف عن شهادات ميدانية موثوقة وثقتها المؤسسة، تثبت استخدام أسلحة محظورة دوليا مثل الفسفور الأبيض والطائرات المسيرة ضد المدنيين، محملاً مليشيا الدعم السريع مسؤولية ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأشار إلى تورط مرتزقة كولومبيين فى العمليات القتالية، وهو ما أكدته الحكومة الكولومبية نفسها.
الخلفيات التاريخية والسياسية للصراع
من جانبه، قدم محمد صالح محمد ياسين، رئيس المركز النوبى للسلام والديمقراطية، قراءة تاريخية لأسباب النزاع، أبرزها الاتجار غير المشروع بموارد السودان، وتوظيف القبلية والدين فى إشعال الحروب، إضافة إلى فشل محاولات تشكيل حكومة وطنية موحدة.
فى السياق نفسه، تحدث محمد شكرو جوزيل، الرئيس المؤسس لمركز دراسات السلام والمصالحة، عن الدور السلبى الذى تلعبه المليشيات المسلحة والمرتزقة فى تمويل الحرب عبر الموارد الطبيعية، ما يعوق التوصل لأى تسوية سياسية مستدامة.
الكارثة فى الفاشر والجرائم ضد النساء
وصف ليمان بوسيف، رئيس المؤسسة الإقليمية للقادة الشباب فى الاقتصاد والسياسة، حصار مدينة الفاشر بأنه “عقاب جماعى للمدنيين”، مؤكداً أن المدينة تعانى من انقطاع شامل فى الغذاء، المياه، الدواء، والكهرباء، مع استهداف الإعلاميين ومنظمات المجتمع المدنى.
أما سعاد عبد العزيز، الرئيسة المؤسسة لمنظمة “إنهاء استعمار السودان”، فكشفت عن حالات إبادة جماعية ممنهجة وعنف جنسى استخدم كسلاح فى الحرب ضد النساء والفتيات، مؤكدةً أن هذه الجرائم تستمر بسبب التدخلات
الخارجية وثقافة الإفلات من العقاب.
كما حذرت شارلوت باما، ممثلة منظمة “إليزكا للإغاثة”، من أن ربع نساء السودان معرضات للعنف القائم على النوع الاجتماعى، مشيرةً إلى تصاعد الزواج القسرى كوسيلة للبقاء أو الحماية، وانتشار الاختفاء القسرى وسط غياب دور الرجال واضطرار النساء لتحمل المسؤولية الكاملة لإعالة أسرهن.
توصيات للمجتمع الدولى
اختتم المشاركون الفعالية بمجموعة من التوصيات العاجلة الموجهة إلى مجلس حقوق الإنسان والمجتمع الدولى، شملت وقف الإمدادات العسكرية والتمويلات لمليشيا الدعم السريع، وفتح ممرات إنسانية آمنة خاصة نحو مدينة الفاشر.
وكذلك رفع الحصار المفروض على المدنيين، ومحاسبة المتورطين فى جرائم الحرب والانتهاكات الحقوقية، ومكافحة الإفلات من العقاب وتوثيق الجرائم لضمان العدالة.
ويستمر الوضع الإنسانى فى السودان فى التدهور بشكل مقلق، وسط غياب تسوية سياسية شاملة، وتزايد الدعوات الدولية للضغط على أطراف الصراع من أجل وقف القتال وإنهاء معاناة المدنيين.