أراء وقراءات

جوع كلبك .. يأكلك ..!!

جوع كلبك .. يأكلك ..!! 4بقلم : عبير الحجار

يعتقد البعض إن سياسة التجويع فن من فنون السيطرة وقوة التحكم والإخضاع لنيل التبعية وهذه السياسة ليست سياسات حكومات فقط وإنما هى سياسة أفراد أيضا ومؤساسات وأصحاب أعمال بل وبين الاسرة الواحدة  إيمانا منهم بمثل ” جوع كلبك يتبعك”

وهذا المثل القاسى ترجع قصته إلى ملك من ملوك حمير وكان عنيفا مع أهل مملكته يغصتب أموالهم ويسلب ما فى أيديهم ، وكانت الكهنة تخبره أنهم سيقتلونه فلا يهتم بذلك . إنما إمرأته سمعت أصوات السؤال فقالت إنى لأرحم هؤلاء لما يلقون من الجهد ونحن فى العيش الرغد وإنى لأخاف أن يصيروا سباعا وقد كانوا لنا تباعا ، فرد عليها الملك قائلا : ” جوع كلبك يتبعك “.

فإن تجويع الناس من أخطر الاسلاحة استخداما فالإذلال والقهر أصبح سلاحا يستخدمه الطغاة بلا رحمة ، ويعتقدون ممارسون هذه السياسة أن الناس ستظل مهمومة بلقمة العيش لا يفكرون فى السياسة لان ما يتعرضون له من قهر وإذلال والتهديد الدائم بالجوع يجعلهم عاجزون عن التفكير فى أى شئ آخر . ويعتقدون أيضا أن رفاهية الشعوب والاستجابة  لمطالبهم يجعلها تتقلب فى رغد العيش مما يؤدى الى رفاهية الفكر ورفاهية  الوعى ، ومن ثم تدفع تلك الشعوب للمطالبة بحقوقها .

سياسة التجويع كانت تؤتي بعض ثمارها عندما كانت الشعوب منعزلة عن العالم فكريا وثقافيا وعندما كانت الشعوب مغلوبة على أمرها  ، أما اليوم فقد انفتحت الشعوب على بعضها  البعض ، وأصبحت العين ترى والعقل يفكر والوعى يشكل والتغيرى يغرى الجميع.

وننصح كل من يلجأ سياسة التجويع بأن القلاع الحصينة لا تسقط من الخارج فقط بل تسقط من الداخل احيانا ، واحذروا غضبة الكلاب الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه وأتقوا شر السباع حين تهان كرامتهم ، فالضغط يولد الانفجار ولن تستطيع قوة مهما بلغت قوتها أن تمنع الانفجار .

العدل أقل تكلفة واسهل استخدما من الظلم ، فلتأخذوا عمرو بن الحطاب قسوة عندما جاء رسول كسرى فوجده نائما مطمئنا تحت الشجر بلا حرس او جند  وقال له مقولته الشهيرة حكمت فعدلت فأمنت .  فحين تجوع كلبك فترة لا يتبعك بل يأكلك فيتحول المثل من  “جوع كلبك يتبعك الى جوع كلبك ياكلك ” وياكل كل شئ أمامه يأكل الاخضر واليابس.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.