حاكم إقليم دارفور يضع 5 شروط لهنة ناجحة في السودان

شهادات مروعة للنازحين عن فظائع الدعم السريع في الفاشر
كتبت – د.هيام الإبس
فى ظل استمرار الحرب الدامية في السودان، نشر مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، مقالاً مطولاً بعنوان “تقسيم البلاد تحت مظلة الهدنة الإنسانية: بين القبول والرفض”، تناول فيه أبعاد الأزمة الإنسانية والسياسية في بلاده، مؤكداً أن الهدنة الإنسانية تمثل خيطاً رفيعاً بين الأمل والانهيار.
الهدنة الإنسانية: حل أم مجرد مسكن
طرح مناوي تساؤلات جوهرية حول الهدنة الإنسانية، مشيراً إلى أنها قد تكون مجرد مسكن مؤقت يسمح للمليشيات بإعادة تنظيم صفوفها، بدلاً من حل حقيقي للأزمة.
ودعا إلى التركيز على المقاصد التكتيكية للهدنة والمهددات الحقيقية التي تواجه المدنيين، مع البحث عن سبل تحقيق سلام شامل يضع حداً لمعاناة الشعب السودانى.
مذبحة الفاشر: صورة مأساوية للمعاناة
وأشار مناوي إلى أن مذبحة الفاشر الأخيرة أبرزت الحاجة الماسة للهدنة الإنسانية، حيث تحولت المدينة إلى بؤرة أزمات إنسانية بعد مقتل وتشريد الآلاف من المدنيين واستمرار حصار دام عامين.
وأكد أن الأطفال كانوا الضحايا الأبرياء للقذائف، وأن صورهم المنهكة تعكس مأساة لم يجد لها المجتمع الدولي رداً مناسباً، مؤكداً أن الفاشر جسدت صرخة طفل يطلب الهدنة والإغاثة لم يتم تلبيتها.
قوات الدعم السريع: التهديد الأكبر
اعتبر مناوي أن قوات الدعم السريع تمثل أكبر تهديد للوضع الإنساني في السودان، متجاوزة في تأثيرها الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزلازل، وصفها بأنها قوة تدمير ممنهجة للسلام والاستقرار، مدفوعة بأجندات سياسية وأيديولوجية لا علاقة لها بالواقع السوداني، وأنها تشكل خطراً طويل الأمد على البنية التحتية والإنسانية معاً.
انتقادات للمجتمع الدولي
انتقد مناوي تأخر المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حاسم بعد مذبحة الفاشر، مؤكداً أن العالم كان على علم بما يحدث لكنه انتظر حتى اكتمال المجزرة، كما انتقد بعض القوى الدولية، ومن بينها الإمارات، لدعمها أطرافا متورطة في المجازر، مما زاد من معاناة المدنيين.
شروط هدنة إنسانية ناجحة
حدد مناوي عدة عناصر أساسية لأي هدنة إنسانية، تشمل:
-إخراج قوات المليشيات من المواقع الحيوية.
-إطلاق سراح المختطفين والمعتقلين.
-إبعاد المرتزقة الأجانب من قوات الدعم السريع.
-إعادة فتح الطرق بين المدن لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
وأكد ضرورة مشاركة جميع القوى الوطنية لضمان شمولية الهدنة وانعكاسها لتطلعات المجتمع السودانى.
محاسبة الجناة واستعادة السيادة
دعا مناوي إلى محاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية، محذراً من أن استمرار الجرائم دون مساءلة يجعل تحقيق العدالة أكثر صعوبة. وأكد ضرورة تسليم الحدود والمعابر والمطارات للسلطة المركزية لمنع خروقات السيادة الوطنية وتمكين الدولة من مراقبة الأجواء والحدود، وحماية البلاد من الدعم العسكري الخارجي لقوات الدعم السريع.
السلام لا يكتمل بالهدنة فقط
واختتم مناوي مقاله بتحذير من أن تحرير الخرطوم والوسط لا يعني نهاية الحرب، وأن قوات الدعم السريع لا تملك مشروعاً سوى تنفيذ أجندات خارجية مرتبطة بمصادر النيل والبحر الأحمر وأهداف استراتيجية أوسع في أفريقيا.
وشدد مناوى، على أن الوضع في السودان ليس مجرد صراع على السلطة، بل معركة ضد الإنسانية، وأن الهدنة الإنسانية لن تكون كافية إلا إذا اندمجت في إطار شامل يضمن الحرية والعدالة والسلام، ويعيد بناء وطن يحترم كرامة كل مواطن سودانى.
شهادات مروعة عن فظائع الدعم السريع في الفاشر
من جهة أخرى، أدلى 28 ناجياً من مدينة الفاشر، شمال دارفور، بشهادات مروعة عن الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على المدينة في 26 أكتوبر، مؤكدين أن الدعم الخارجي، بما في ذلك من دولة الإمارات العربية المتحدة، عزز قدرة الجماعة على شن هجمات واسعة النطاق على المدنيين.
وأكد الناجون أن ما يقدر بنحو 260 ألف مدني تم محاصرتهم في المدينة، حيث واجهوا موجة عنف غير مسبوقة تشمل القتل المتعمد، الإعدامات الجماعية، العنف الجنسي، والاعتداءات بهدف الابتزاز المالي.
عمليات قتل وإعدامات
روى شهود عيان كيف قامت وحدات قوات الدعم السريع بإعدام الرجال العزل على طرق الهروب والأحياء السكنية. أحد الناجين قال إن مقاتلين صرخوا: “لا يوجد مدنيون في الفاشر”، قبل أن يقتل أربعة رجال بجانبه.
وذكر آخر أن 17 من أصل 20 رجلاً كانوا يفرون معه تعرضوا لإطلاق نار مباشر، في حين شهد ثالث إطلاق النار على سبعة أصدقاء عند الساتر الترابي المحيط بالمدينة.
وتشير شهادات المدنيين إلى وجود جثث متناثرة في الشوارع، بما يعكس استهدافا منهجياً للمدنيين غير المسلحين.
العنف الجنسي الممنهج
تعرضت نساء وأطفال للاعتداء الجنسي على طرق الهروب وفي الملاجئ المؤقتة.
إحدى الأمهات قالت إن ابنتها البالغة 14 عاماً تعرضت للاعتداء الجنسي وفارقت الحياة لاحقاً بسبب تدهور حالتها الصحية.
وذكرت حالات أخرى لنساء تعرضن للاغتصاب المتكرر خلال التفتيش من قبل قوات الدعم السريع، في بعض الحالات برفقة بناتهن.
عمليات القتل من أجل الفدية والتهجير القسري
كما روى الناجون احتجاز الأسرى من أجل فدية، مع تهديدات مباشرة بالإعدام في حال عدم دفع الأموال.
وأكد بعض الشهود قيام قوات الدعم السريع بإعدام مرضى مسنين وجرحى لم يستطيعوا التنقل مع القوات، فيما أجبر آخرون على السير لمسافات طويلة عبر أراض قاحلة للوصول إلى مناطق آمنة، بعد تهجير قسري من منازلهم وأحيائهم.
دور الدعم الخارجي
أشار الناجون ومنظمة العفو الدولية إلى أن هجوم قوات الدعم السريع تطور بثقة متزايدة، متزامنًا مع دعم خارجي، وذكرت المنظمة أن “هذه الفظائع تم تسهيلها بفضل الدعم الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة”.
ودعت العفو الدولية المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغوط عاجلة لوقف كل أشكال الدعم الخارجي للجماعة، وتوسيع نطاق المراقبة الدولية لتشمل كل مناطق دارفور.
وقالت المنظمة إن استمرار دعم القوات المسلحة الإماراتية أو غيرها من الأطراف الخارجية يعزز قدرة قوات الدعم السريع على ارتكاب الانتهاكات الإنسانية الجسيمة وجرائم الحرب، ويقوض أي جهود لحماية المدنيين أو فرض القانون الدولى.
وقالت المنظمة إن استمرار دعم القوات المسلحة الإماراتية أو غيرها من الأطراف الخارجية يعزز قدرة قوات الدعم السريع على ارتكاب الانتهاكات الإنسانية الجسيمة وجرائم الحرب، ويقوض أي جهود لحماية المدنيين أو فرض القانون الدولى.





