اقتصاد

حتي النظارات تهرب وتزيف!

 

في عقود قليلة سابقة كانت مصر تملك شركة “هابي” تختص بصناعات النظارات.. انتهي بها الحال ببيع جميع أجهزتها بالكيلو كخردة رغم أنها الشركة الوحيدة بالقطاع العام والمتخصصة بصناعة العدسات والنظارات محلياً.. وهابي شركة متخصصة مثل غيرها من شركات القطاع العام تم بيعها كخردة ولم تقم لهذه الصناعة مثيل حتي اليوم.

المعروف أن النظارات الطبية ظهرت أول عام 1906 في العالم بهدف تصحيح الإبصار.. ورغم التطور الكبير الذي شهده طب العيون في السنوات الأخيرة ظلت النظارات هي أفضل السبل الآمنة للعيون ودون مشكلات.

بما أن مصر ليس لديها صناعة نظارات طبية حقيقية إلا أن بها 3 مصانع متواضعة مهمتها التسطيح للعدسات حسب طول وقصر النظر ويتم استيراد جميع الخامات من الخارج. ولهذا فالسوق المصري يستورد ما نسبته 99% من صناعة البصريات. وهذا السوق يخضع لمتغيرات أو زيادة في التكلفة.

ولأن السوق المصري في كافة تخصصاته يعاني فقراً في التنظيم والرقابة.. فلابد من نتيجة حتمية أن نجد بالأسواق عدسات طبية مزورة وأيضا مهربة لغياب الرقابة والتنظيم التجاري والصناعي.

التهريب في صناعة وتجارة البصريات يوازي ما قيمته نحو 2 مليار جنيه مقابل 280 مليون جنيه فقط للتجارة الرسمية الشرعية.

بطل هذا التهريب هو الصين وغيرها من الدول بمعني أن وراء هذا السوق غير الرسمي مافيا وفيه يتم تسليم البضائع ببلدة “جوانزوا” بالصين ويتسلمها الراغب فيها بمكاتب داخل مصر.. أيضا في هذا السوق يوجد محلات نظارات تتعامل مع العيون غير مرخصة تبلغ عددها نحو 1080 محلاً في القاهرة وحدها وهناك 900 محلاً ليس لديها بطاقات ضريبية ولا تملك سجلا تجاريا. بل تتاجر جهاراً نهاراً تحت أعين من عميت بصيرتهم من المسئولين.

البصريات سوق رائج للتزوير والتهريب ابتداء من العلامات التجارية المعروفة.. بمعني أن نجد نظارة لها علامة تجارية أصلية ومقابلها نفس النظارة مزورة ومهربة رغم أن العلامات الأصلية مسجلة بوزارة الصحة.. لكن من تسأل.. وأين القانون.. ومن يعاقب؟!

البصريات تعامل معاملة الأدوية التي يظن الناس أنها أيضا لا تهرب ولا تزور وهي من تخضع لرقابة الهيئة العامة للصادرات. علما أن صناعة البصريات في العالم تحكمها قوانين دولية لحماية العلامات التجارية.

مصادر في السوق تري أن هناك نظارات أغلي من الذهب وهي تزن 50 جراماً والجرام في الذهب بنحو 500 جنيه أي أن النظارة في الماركة العالمية يصل سعرها 25 ألف جنيه تقريباً.. وجودة النظارة ليس في سعرها فقط بل في مواصفاتها الجيدة كذلك.

ما علاقة سعر الصرف بسعر النظارات؟.. طبعا هناك تأثير كبير علي هذه النوعية في السوق وارتباطها بالاستيراد وسعر الصرف إذ ان زيادة التكلفة في الاستيراد وتعديل قانون سجل المستوردين الذي ارتفع قيمة القيد فيه من 3 آلاف جنيه. بينما الآن قفزت تكلفة القيد إلي 50 ألف جنيه للأفراد و200 ألف جنيه للشركات.

هذا هو حال سوق مهم لا يمكن الاستغناء عنه لأنه مرتبط بالإنسان المستهلك الفقير والغني إذ يستخدم كل منهما النظارة الطبية والشمسية.. وكما أسلفت أنه سوق يعاني من غياب التنظيم التجاري أو القوانين الحامية للمستهلك من جشع التجار أو المستوردين.. إنه سوق بين التزوير يعمل وبين التهريب يمارس.. أبطالها كثر.. أما ضحاياها فهو المستهلك!!

بقلم : عبدالغفار مصطفى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.