بقلم – سعيد حسن
لم يكن ما جاء بخاطر الشيخ صالح علياب بالشئ الغريب او الجديد، حين كان يجلس
مهموما بغرفة المندرة ببيت والده الذي تزوج فيه، بعد أن رحل الجميع عن البيت اما بالهجرة كاخوته او الموت كوالديه
بل سبقه الكثير من ابناء قريته النوبية بهذه الخاطرة، بعدما ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت
وكشر الغلاء عن انيابه، واختنقت أحوال البلاد والعباد، بل وأحوال الأمة الإسلامية والعربية بعد ضياع الحقوق والأرض
لكنه استحي.. بل أراد أن يتراجع خطوات إلي الوراء، امتنع عن الكلام، عاف نفسه
أن يثير المشكلات والمشاحنات بين اقاربه، فهم شركاء في ميراث الجد ، بعد رحيل الآباء بطيبتهم وعفويتهم.
ضاق به الحال ، بل التفكير في الأمر من جميع زواياه برمته، مد يده ووضع كوب الشاي
بحليب الذي انتهي من شربه علي الصينية الموجودة فوق العنجريب
رفع رأسه قليلا الي الحائط ليدقق بصورة تعود لزمن جميل، والده واعمامه وهم في سن الشباب
والسعادة والرضا مرسومة علي وجههم، ترحم عليهم وعلي ايامهم وذكرياتهم وحكاويهم. حدث نفسه.. مرات.. ومرات ..
من قبل في التفكير في هذه الخاطرة، رأي هو نفسه أن لن يستطيع أن يفاتح أحد اقاربه في الأمر
ليس خوفا ولكن استحياء من عواقب الأمور، لكنه في نفس الوقت أراد أن تعود الحقوق لاصحابه
ذلك هو ما تعلمه من إرث والده منذ أن كان صغيرا، إلا أن مجرد التلميح بالحق في هذا الزمان مؤلم للبعض.
كان يمشي دائما لكل واجب للاقارب والجيران وأبناء قريته في السراء والضراء، محافظا لزيارة المريض
ممسكا لسانه عن الجدل مع الآخرين، كان علي يقين بأن الكبار يتراضون فيما بينهم ويؤثرون علي بعضهم
فوالده وعمه الأصغر تركوا بيتا فسيحا بالنوبة الغارقة لاقاربهم ليكونوا بجوارهم
وكان ثالث أكبر اعمامه يترك نصيبه من زروع وثمار الأرض لاخيه عن طيب خاطر.. حتي لا تنقطع حبال الود.