الصراط المستقيم

حجية السنة …بناء شخصية المسلم وصياغتها على منهاج أهل السنة والجماعة

متابعة: هاني حسبو

بعد الهجوم الشديد في هذه الآونة على السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع الإسلامي ومحاولة إضعاف دورها والغاءه كان لزاما على العلماء المخلصين والدعاة بيان الحق في هذا الموضوع المهم.

والدكتور حسين محمد الشواط له كتاب يسمى “حجية السنة النبوية”لخصه على صفحة “دعاة لا قضاة في تونس”

ننقل هنا ما جاء به
مقدمة منهجية
1- مدخل:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، شهادة ينالُ من اعتقدها وقالها وعمل بها ودعا إليها وصبر على تبعاتها الفوزَ الأعظم والفلاح الأكبر.
الحمد لله ذي النعم الجزيلة التي أعيت المحصين ، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء، والمرسلين، الذي بعثه الله بدين الإسلام رحمة للعالمين، وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، ولم يرض لعباده دينا سواه، وقصر الفلاح والفوز برضاه على من اتبع سنة محمد صلى الله عليه وسلم وما سار عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.
وقد تكفل الله عز وجل بحفظ هذا الدين فصان كتابه العزيز عن التحريف، وعصمه من التبديل، وهيأ للسنة المطهرة رجالا أفذاذا تفانوا في طلبها وخدمتها، وتمسكوا بها، وقاموا بحفظها وتدوينها ونشرها، ووضعوا القواعد والضوابط العلمية الدقيقة لحمايتها من الدخيل وتمييزها من الشوائب، والقيام عليها رواية ودراية وتصنيفها في ذلك، والمنافحة عنها في مشارق الأرض ومغاربها جيلا بعد جيل، على مـر الزمان وتعاقب الشهور والأعوام، أولئك هم أهل الطائفة المنصورة، الذين لايزالون قائمين على الحق، مستمسكين بسنة المصطفي صلى الله عليه وسلم، ذابّين عنها، عاملين لإحياء ما أمات الناس منها، لايضرهم المخالف، ولا يفل في عزيمتهم المراوح المتخاذل، ولا يضعف من همتهم المتخلف الخانع، يبذلون في سبيل ذلك كل غال حتى يأتي أمر الله وهم على هذا المنهج القويم، فيفوزون برضوان الله عز وجل، وما ذاك إلا لعظم أمر السنة ووجوب التزامها، فهي شطر الدين وثاني الأصلين، وهي شقيقة القرآن ومثيلته في الحجية والاعتبار وهي المبينة للقرآن الكريم، تفصيلا لمجمله، وتوضيحا لمبهمه، وشرحا لغامضه، وتخصيصا لعامّه وتقييدا لمطلقه، وردا لما تشابه منه إلى مُحْكَمِه بالإضافة إلى ما تفردت به من التشريعات الكثيرة التي لم ينص عليها القرآن الكريم ولا غرابة في ذلك فهي مثله وحي من الله تعالى.
2- أهمية الموضوع:
إن تلك المكانة العظيمة للسنة في هذا الدين جعلت أهل العلم يجمعون انطلاقا من الأدلة على أن الاشتغال بطلبها من أعظم القربات، وأفضل ما صرفت فيه الأموال والأوقات، لارتباط أمر السنة بأصول الاعتقاد وعدم اعتباره من الفروع الفقهيات، ولذلك فإن الزلل في شأنها خطير، والعمل لتصحيح الاعتقاد حولها واجب، ومن هنا لزم طالب العلم تبين تلك المكانة بالأدلة، للقطع بأن السنة وحي من عند الله وأنها حجة شرعية يجب اتباعها، وأنها مصدر للعقيدة والشريعة والأخلاق والآداب والفضائل والمعارف، كما عليه أن يعلم المراحل التي مرت بها السنة وتفاني أهل العلم في خدمتها ووضع الضوابط لحمايتها منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف تم نقلها في غاية الدقة والحيطة محفوظة في الصدور ومكتوبة في السطور.
وتعتبر هذه المادة (حجية السنة وتاريخها) مدخلا ضروريا ومقررا تأسيسيا يبنى عليه ما يأتي بعده من مقررات محور السنة وعلومها،ويحتاج إليه كل مسلم لتصحيح معتقده، وتقوية يقينه، والتزامه بدينه، ومقدرته على المنافحة عنه في المعترك الفكري الخطير في هذا العصر، حيث جعلت السنة وكثير من ثوابت الدين غرضاً يحرص على النيل منه كثير من الجهلة والمغرضين {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون}( )، ولن يعدم هذا العصر بإذن الله – كما لم يعدم ما سبقه
بفضل الله – من علماء مخلصين أكفاء أمناء يذودون عن حمى الشريعة الغراء، ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وقد اشتكى أحد تلاميذ عبد الله ابن المبارك جهود الزنادقة في وضع الحديث وإفساد السنة، فقال له ابن المبارك: يعيش لها الجهابذة، ثم قرأ قول الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون}( )، ومما يزيد الموضوع أهمية هذه الجفوة الأليمة التي توجد في واقعنا المعاصر بين هدي السنة المطهرة وبين حياة المسلمين العلمية والعملية فأنى لقوم تركوا هدي نبيهم وراء ظهورهم أن يفلحوا؟ ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح به أولها، وإنما هي التوبة النصوح والعود الحميد إلى السنة المطهرة واستدعاؤها لتحكم حياتنا من جديد، فهنالك نفلح، وننتصر ونسعد في الدارين.
3- أهداف تدريس هذا المقرر:
يتوقع من الطالب بعد دراسة جادة وشاملة لهذه المادة أن يحقق جملة من الأهداف العلمية والعملية، من أهمها ما يلي:
أ‌- الأهداف العلمية:
1- معرفة المعنى العام للسنة الذي يلتقي عليه علماء الشريعة، ومعرفة معناها الخاص لدى أهل كل علم.
2- إدراك أن السنة وحي من عند الله تعالى وأنها مصدر للعقيدة والشريعة والأخلاق والمعارف.
3- تَبَيُّن وظيفة السنة ومكانتها في الإسلام ومنزلتها من القرآن الكريم.
4- الاطلاع على أطوار خدمة السنة منذ العهد النبوي إلى العصر الذهبي للسنة، وإدراك خصائص كل طور ومميزاته من حيث تحمل السنة وأداؤها وكتابتها وتدوينها والتصنيف فيها.
5- تقرير حجية السنة واستقلالها بالتشريع مع الاستدلال.
6- تبين حجية أخبار الآحاد في العقيدة.
7- رد الشبهات المثارة حول تدوين السنة وحجيتها.
ب‌- الأهداف العملية
1- اعتقاد مرجعيّة السنة وحجيتها في أصول الدين وفروعه وتَبَنّيها منهجا في الحياة، والتخلص من النظرة الجزئية إلى وظيفة السنة.
2- حصول الثقة بصحة مناهج الصحابة ومن بعدهم من المحدثين في نقل السنة ووضع الضوابط لحمايتها من الدخيل وتمييز صحيحها من السقيم.
3- الدفاع العلمي المتزن عن السنة ضد شبهات وأباطيل المستشرقين ومن شايعهم من العصرانيين.
4- التعامل المباشر مع أمهات كتب السنة، والمشاركة الجادة في خدمة السنة وإعادة الاعتبار إليها.
5- الحرص على العمل بالحديث المقبول ورد ما لم تثبت نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
6- تصحيح المعتقدات والعبادات (بمفهوميها العام والخاص) بعرضها على صحيح السنة.
7- مساعدة الآخرين على تصحيح حياتهم بالرجوع إلى السنة، والدعوة إلى التزام ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.