حريق سنترال رمسيس ومدى كفاءة الاستجابة للأزمة

بقلم: د. رامي الناظر – خبير في إدارة الأزمات والكوارث
الكوارث تحدث في جميع أنحاء العالم دون سابق إنذار، وتحصد أرواح المئات بلا رحمة، تاركة خلفها مشردين ومصابين ومفقودين. وفي ظل ذلك، تبقى العبرة الحقيقية في مدى جاهزية أنظمة الحماية والاستجابة ومدى فاعليتها في إدارة الأزمات وتقليل آثارها.
وفي ضوء ما شهدته القاهرة مؤخرًا من حادث الحريق الضخم في مبنى سنترال رمسيس، نحن أمام نموذج واقعي يستحق التوقف أمامه وتحليله، لتقييم أداء الدولة وأجهزتها المعنية في مواجهة هذه الكارثة.
أولاً: لنفهم مدى كفائه الاستجابه يتوجب علينا فهم مراحل إدارة الكارثة
حتى نستطيع تقييم الاستجابة بدقة،
تشمل عمليه اداره الكارثه على مجموعه من المراحل
أهما
1. مرحلة ما قبل الكارثة (الاستعداد):
وتشمل وضع خطط الطوارئ، وإجراء التدريبات المسبقة، وتجهيز البنية التحتية والاستعدادات اللوجستية لمواجهة أي حادث محتمل.
2. مرحلة أثناء الكارثة (التدخل):
وهي المرحلة التي تتجلى فيها فعليًا قدرات الدولة واستعداد أجهزتها، من حيث سرعة التحرك، والتنسيق بين الفرق، ومدى الاحترافية في إدارة الموقف.
3. مرحلة ما بعد الكارثة (التعافي واستخلاص الدروس):
وتتضمن تقييم ما حدث، ومعالجة الآثار، واستخلاص الدروس لتفادي تكرار السيناريو مستقبلاً.
ثانيًا: استجابة أجهزة الدولة
عند اندلاع الحريق، تحركت أجهزة الدولة بسرعة وكفاءة ملحوظة، وكان من بين الجهات المشاركة:
• الحماية المدنية
• هيئة الإسعاف المصرية
• الهلال الأحمر المصري
• الجهات المسؤولة عن الاتصالات والطاقة
• العديد من الأجهزة التنفيذية الأخرى
وقد تم تنفيذ الإجراءات التالية فورًا:
• انعقاد سريع للجنة إدارة الأزمات في موقع الحدث
• فرض كردون أمني محكم حول المبنى
• إخلاء المصابين والوفيات باحترافية عالية
• السيطرة الكاملة على الحريق خلال أقل من 24 ساعة
ورغم حجم المبنى وتعقيد تركيبته، تمت السيطرة على الموقف باحتراف، ما يعكس جاهزية الأجهزة وتدريبها الجيد.
ثالثًا: استمرارية الخدمات رغم التحديات
رغم ما سببه الحريق من انقطاع مؤقت في خدمات الإنترنت والاتصالات، فقد استطاعت الجهات المعنية:
• إعادة خدمات الإنترنت في غضون ساعات
• إعادة تشغيل خطوط الهاتف خلال 24 ساعة
• تفعيل وسائل بديلة للتواصل مع المواطنين من خلال فرق الطوارئ
ويعود ذلك إلى وجود خطط طوارئ مدروسة ومفعلة، بالإضافة إلى عناصر بشرية مدرَّبة ومجهزة بأحدث تقنيات الاتصال والسلامة.
ماذا لو لم تحدث هذه الاستجابة الفعالة؟
لو لم تكن هناك استجابة منظمة وسريعة، لكانت العواقب كارثية، ومنها:
• امتداد الحريق إلى المباني المجاورة، مما يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية أكبر
• انهيار خدمات الاتصالات في منطقة حيوية لأسابيع أو أشهر
• تكدس المستشفيات وتعطل الخدمات الصحية والطوارئ
• انتشار الشائعات وظهور أزمات اجتماعية ناتجة عن انقطاع المعلومات والخدمات
ما حدث يؤكد أن الجاهزية والتدريب المسبق هما خط الدفاع الأول في أي أزمة.
رابعًا: ما بعد الأزمة – خطوات ضرورية
من الضروري أن يتم الآن:
• فتح تحقيق شامل في أسباب اندلاع الحريق
• تقييم أداء الجهات المعنية علميًا وموضوعيًا
• مراجعة أنظمة الحماية والسلامة في جميع المنشآت الحيوية
• تكثيف التدريبات العملية لمحاكاة سيناريوهات مشابهة مستقبلًا
الخلاصة
إن ما جرى في سنترال رمسيس يُعد نموذجًا ناجحًا لاستجابة فعالة ومدروسة من أجهزة الدولة، ويؤكد أن لدينا منظومة قادرة على مواجهة الكوارث والحد من آثارها. لكنه في الوقت ذاته جرس إنذار يدعونا إلى تعزيز الوقاية، وتوسيع خطط الجاهزية، ونشر ثقافة إدارة الأزمات على مستوى كافة القطاعات.