الصراط المستقيمالرياضة

حسين الشحات وإنكار الذات

كتب/ هاني حسبو.

“أنت ليه ما سجلتش الهدف يا بابا؟

علشان إمام يبقى هداف الدوري”

هذا سؤال برئ من ابن حسين الشحات وهذا رد الأب على السؤال.

قد تبدو اللقطة عادية وطبيعية

‏هدف إمام عاشور في فاركو صناعة حسين الشحات يستحق أن يكون هدف الموسم ويستحق جائزة خاصة.

حسين الشحات جسد فضيلة إنكار الذات في أبهي صورها . نادرا ما تجد لاعبا أمامه فرصة تسجيل هدف مؤكد والمرمي مفتوح أمامه ويفضل زميله علي نفسه ويهديه الكرة بمهارة فائقة رغم أن فرصة التسجيل ستقل من 100%إلي 50%!!

ماذا لو انتقلت هذه اللقطة إلى المجتمع ككل وأصبح “إنكار الذات” أو الايثار صفة لازمة لأفراده؟

الإجابة ستكون بالطبع مبهرة وسيصبح المجتمع مثالياً يضرب به المثل.

افضل من طبق هذه الفضيلة هم الصحابة رضي الله عنهم.

ضَرَب الصَّحابةُ أروَعَ أمثلةِ الإيثارِ وأجمَلَها، ومن يتأمَّلْ في قِصَصِ إيثارِهم يحسَبْ ذلك ضَربًا من خيالٍ، لولا أنَّه منقولٌ لنا عن طريقِ الأثباتِ، وبالأسانيدِ الصَّحيحةِ الصَّريحةِ.

وإليك بعضًا من النَّماذِجِ التي تَروي لنا صُوَرًا رائعةً من الإيثارِ:

ضَيفُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:

– عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رَجُلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبَعَث إلى نسائِه، فقلْنَ: ما معنا إلَّا الماءُ! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: من يَضُمُّ أو يُضِيفُ هذا؟ فقال رجلٌ من الأنصارِ: أنا. فانطَلَق به إلى امرأتِه، فقال: أكرمي ضيفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقالت: ما عِندَنا إلَّا قوتُ صبياني. فقال: هَيِّئي طعامَكِ، وأصبِحي سِراجَكِ ، ونَوِّمي صِبيانَكِ إذا أرادوا عَشاءً! فهَيَّأَت طعامَها، وأصبَحَت سِراجَها، ونَوَّمَت صِبيانَها، ثَّم قامت كأنَّها تُصلِحُ سِراجَها فأطفَأَتْه، فجَعَلَا يُرِيانِه أنَّهما يأُكلانِ فباتا طاوِيَينِ ! فلمَّا أصبح غَدا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ضَحِكَ اللهُ اللَّيلةَ أو عَجِبَ مِن فعِالِكما! فأنزل اللَّهُ: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9] )) .

ثم تعلم السلف هذه الفضيلة وطبقوها:

حكى بدرُ الدِّينِ بنُ جماعةَ أنَّ العِزَّ بنَ عبدِ السَّلامِ لَمَّا كان بدِمَشقَ وَقَع مرَّةً غلاءٌ كبيرٌ حتَّى صارت البَساتينُ تُباعُ بالثَّمَنِ القليلِ، فأعطَتْه زَوجَتُه مُصاغًا لها وقالت: اشتَرِ لنا به بُستانًا نُصَيِّفُ به، فأخذ ذلك المُصاغَ وباعه وتصَدَّقَ بثَمَنِه، فقالت: يا سيدي اشتَريتَ لنا؟ قال: نَعَمْ، بُستانًا في الجنَّةِ، إنِّي وجَدْتُ النَّاسَ في شِدَّةٍ فتصدَّقْتُ بثَمَنِه، فقالت له: جزاك اللهُ خيرًا.

وحكى أنَّه كان مع فَقرِه كثيرَ الصَّدَقاتِ، وأنَّه ربَّما قطَع من عمامتِه وأعطى فقيرًا يسألُه إذا لم يجِدْ معه غيرَ عمامتِه.

إنه الايثار أو إنكار الذات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى