حضور مميز لندوة مركز سيا الثقافي حول “الأدب: حوار الثقافات وتأويل الحياة”
د. وفاء البيه توضح تقارب الأفكار بين الكاتب الإيطالي د. دومينيكو بيزانا والروائية المصرية د. صفاء النجار
كتب – سيد غريب مجاهد
شهدت الندوة الفكرية والإبداعية بعنوان “الأدب: حوار الثقافات وتأويل الحياة” التي نظمها مركز سيا الثقافي بالتعاون مع مكتبة وأرشيف أومبرتو الأول بالقاهرة،حضورا كبيرا ومتميزا .
وأدارت الندوة باقتدار أ.د. وفاء البيه، أستاذ الأدب الإيطالي الحديث بجامعة حلوان ومدير مكتبة وأرشيف أومبرتو الأول، الحائزة على وسام “فارس” من الجمهورية الإيطالية في 2020. وقدمت ضيوف الندوة الشاعر والناقد الإيطالي د. دومينيكو بيزانا، المتخصص في علم الأخلاق، والروائية د. صفاء النجار، مدير مركز سيا الثقافي
تقارب وتشابه بين أفكار الكاتبين
وذكرت الدكتورة البيه أنه هناك صلة تقارب وتشابه بين الكاتبين وقالت إن الشاعر والناقد الإيطالي دكتور دومينيكو بيزانا، أستاذ علم الأخلاق الإيطالي، له ديوان شعري عن الزمن والنفس البشرية، لافتة إلى أن مصطلح الزمن ومصطلح النفس هما الخلفية الأساسية الفلسفية فى مسار أعماله الإبداعية.
وأضافت “البيه” ضمن فعاليات الأمسية، أن مصطلح الزمن ومصطلح النفس ليس لهما تعريف موحد وهو ما يتقارب مع رواية د. صفاء النجار “مقامات الغضب”، وهو ما يجد صدى فى اللغة الإيطالية، كما في عمل دانتى ألييجيري الأعظم، “الكوميديا الإلهية”، حيث قسم عالمه إلى طبقات ودرجات، تضيق وتتسع وفق جرم كل شخص وعقابه. وأشارت إلى أن مصطلح “مقامات” هو حمال لأوجه كثيرة سواء المقام الموسيقي أو غيرها، مؤكدة أنه لا بد من أن تكون مهمة المترجم فى هذا الصدد هو اختيار المصطلح الذى يتناسب مع ما يذهب إليه العمل الأصلى.
واوضحت أن أعمال المبدعين دومينيكو بيزانا وصفاء النجار أيضا من المصطلح الفلسفي ودلالاته وفيها شىء من السماوي، ففي أعمال الدكتور دومينيكو ثمة حضور ديني فى أعماله خاصة الشعرية، أما فى أعمال صفاء النجار ثمة حضور صوفي.
وأشارت “البيه” إلى أنه بالنظر لكتاب دومينيكو “الأدب وتأويل الحياة” وعنوانه نجد مهمة الأدب للبحث عن الحقيقة وذواتنا، وأنه من وجهة نظر مؤلف الكتاب نجد فكرة الأدب ودوره فى استعادة وتأويل الحياة فى مسارين الأول معرفي والثاني إلهي، وبالنظر إلى فصوله مثل “شعراء في مواجهة المجهول” نجد البحث عن الوجودية في قصائد الشاعر الإيطالي ليو بارتي والوصول إلى الغاية النهائية للشكل البشري، أما الجزء الثاني من الكتاب فعن الشعر الاجتماعي في إيطاليا وقصائد الشعر الإسباني خاصة الشاعر لوركا، في إشارة إلى عدم انعزال المبدع عن نسيجه الاجتماعي والثقافي والسياسي. أما الجزء الثالث من الكتاب فيدور حول مفهومي التاريخ والذاكرة في أعمال عدد من الكتاب الإيطاليين مثل فيرجا وليوباردي.
أسئلة إلى الكاتبين
وجهت د. وفاء البيه بعد ذلك عدة أسئلة إلى الكاتبين:
كان السؤال الأول يدور عن كيفية تأويل أعمالهما للحياة. قال بيزانا أن الأدب الحقيقي هو الذي يمتلئ بالحياة، وليس بالمظاهر الجمالية، وهو الذي يشتبك مع الواقع ويفتح مسارات تأويل لا تنتهي. بينما أجابت النجار بأن عالمها السردي هو وليد الواقع لكنه يتقاطع مع الفانتازيا، بما يفتح أفاقا رحبة أمام المتلقي.
وجاء السؤال الثاني حول حضور المقدس في أعمالهما، فأجاب بيزانا بأنه كأستاذ للاهوت ولعلم الأخلاق، يرى في الايمان حقيقة عميقة، تبني جسور سلام ومحبة مع الاخر، والآخر هو الله في أعماله، ويخاطب فيه وعبره كل المشاعر السامية. أما النجار فقالت أن المقدرس عندها هو نزعة صوفية، تشتبك مع الفانتازيا، وتعبر عن رغبة في التصالح مع العالم.
وفي سؤال أخير أجاب المبدعان عن دور المثقف من وجهة نظرهما، فقال بيزانا أن النزعة الفردية هي التي تسود الآن، لكن النجاة تكمن في العودة إلى الجماعية، بينما قالت صفاء إن الأدبي والمثقف المصري يفكر في قضايا مجتمعه ومشغول بها، ولا تتحكم فيه النزعة الفردية
توالت بعد ذلك مداخلات الجمههور حول الأدب والمقاومة، وأهمية دور الأدب، وفاعلية دور المثقف، وعلاقة الأدب بالعالم الرقمي.