حظر بيع الذهب يشعل حرب بين حكومة إدريس والمصدرين في السودان

كتبت /د.هيام الإبس
حظر بيع الذهب يشعل حرب بين حكومة إدريس والمصدرين في السودان
في تطور خطير يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية في السودان، أعلنت شعبة مصدري الذهب رفضها القاطع لقرارات لجنة الطوارئ الاقتصادية التي أقرتها الحكومة الانتقالية برئاسة رئيس الوزراء كامل إدريس، واصفة إياها بالكارثية والمدمرة للاقتصاد الوطني.
خلفية الأزمة الاقتصادية
تأتي هذه القرارات في ظل تدهور حاد في الوضع الاقتصادي السوداني، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى مستويات قياسية بلغت 3400 جنيه سوداني مقابل الدولار الواحد في السوق الموازي، هذا الانهيار في قيمة العملة المحلية يمثل زيادة بنسبة 700% منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
وتعتبر صناعة الذهب أحد أهم موارد الاقتصاد السوداني، حيث يحتل السودان المركز الثالث عشر عالمياً في إنتاج الذهب بحجم إنتاج يصل إلى 90 طناً سنوياً، إلا أن التقديرات تشير إلى أن 50-80% من إنتاج الذهب السوداني يهرب عبر قنوات غير مشروعة.
تفاصيل القرارات المثيرة للجدل
اعتمدت لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة كامل إدريس في اجتماعها بمدينة بورتسودان يوم 20 أغسطس 2025، حزمة من القرارات الإصلاحية تهدف لضبط الأداء الاقتصادي وتعزيز استقرار سعر صرف العملة الوطنية.
أبرز القرارات المثيرة للجدل:
حصر شراء وتسويق الذهب في جهة حكومية واحدة، على أن تلتزم هذه الجهة بتوفير النقد الأجنبي للمستوردين.
إخضاع الذهب المنتج للمتابعة الدقيقة حتى تصديره لضمان عدم تهريبه عبر قنوات غير مشروعة.
اعتبار حيازة أو تخزين الذهب من غير مستندات رسمية جريمة تهريب بغض النظر عن الموقع.
تفعيل دور قوات مكافحة التهريب وتمكينها من الوسائل اللازمة لأداء مهامها بكفاءة عالية.
رد فعل غاضب من شعبة المصدرين
في أول رد فعل رسمي على هذه القرارات، أعرب عبد المنعم الصديق، رئيس شعبة مصدري الذهب في السودان، عن رفضه القاطع لهذه الإجراءات، محذراً من عواقبها الوخيمة على الاقتصاد السوداني.”
وحذر من أن حصر شراء وتسويق الذهب في جهة حكومية واحدة سيؤدي إلى احتكار السوق لصالح مجموعة محدودة، مما يفتح الباب واسعاً للفساد.
تحليل الخبراء الاقتصاديين
قلل المحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي من فعالية قرار حصر شراء وتسويق الذهب في جهة حكومية واحدة، مشيراً إلى أن بنك السودان المركزي سبق أن اتخذ قراراً مشابهاً باحتكار شراء وتصدير الذهب، لكنه اضطر للتراجع بعد أن تسببت هذه السياسة في رفع سعر الدولار في السوق الموازي.
مخاطر زيادة التهريب
فى السياق ذاته، حذر الخبراء من أن هذه القرارات ستؤدي إلى زيادة عمليات التهريب بدلاً من الحد منها، مؤكدين أن 80% من إنتاج الذهب يأتي عبر التعدين الأهلي غير المنظم، وهو ما يجعل السيطرة عليه شبه مستحيلة نظراً لاتساع مناطق التعدين وصعوبة ضبط المنتجين.
السياق الإقليمي والدولي
بعد اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، تفاقمت ظاهرة تهريب الذهب لعدة عوامل، أبرزها الإنفاق العسكري والسيولة الأمنية والأطماع الخارجية، وتشير التقارير إلى أن قوات الدعم السريع تسيطر على مناطق تعدين الذهب في إقليم دارفور، وتقوم بتهريب الذهب من مناطق الإنتاج إلى تشاد ومن ثم إلى الإمارات.
وتمثل دولة الإمارات العربية المتحدة المحطة النهائية لمعظم الذهب المهرب من السودان، حيث أوقفت الحكومة السودانية تصدير الذهب إلى الإمارات في مارس 2025 وسعت لفتح أسواق جديدة تشمل قطر وتركيا ومصر والسعودية.
موقف الحكومة والدفاع عن القرارات
دافع رئيس الوزراء كامل إدريس عن القرارات الاقتصادية، مؤكداً أنها ستسهم بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد الوطني وتعزيز استقرار العملة المحلية خلال المرحلة المقبلة.
وأوضح إدريس أن مكافحة التهريب تمثل أولوية قصوى للحكومة، كونها قادرة على توفير إيرادات ضخمة كانت تفقدها البلاد، مما ينعكس إيجابياً على الخزينة العامة ودعم برامج الإصلاح الاقتصادي.
دعوة للتعاون الشعبي
دعا إدريس جميع الجهات الرسمية والقطاع الخاص والمواطنين إلى التعاون الكامل مع الدولة في تنفيذ هذه السياسات، مشدداً على أن تكاتف الجهود الوطنية يُعد حجر الزاوية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
إدريس.. تنسيق كامل بين الحكومة والسيادة وخطة الإعمار ستذهل العالم
أفصح رئيس مجلس الوزراء السوداني، الدكتور كامل إدريس، عن رؤية حكومية متكاملة، مؤكداً على الانسجام الكامل بين السلطتين التنفيذية والسيادية، وأشار إدريس إلى أن الهدف الأسمى من هذا التناغم
هو تحقيق آمال الشعب السوداني، لافتاً إلى أن خطة العمل تتجاوز حدود إعادة إعمار الخرطوم لتشمل برنامجاً إصلاحياً شاملاً يهدف إلى إعادة هيكلة الدولة السودانية على أسس من الكفاءة والعدالة.
توافق مؤسسي بلا خلافات
وخلال حوار مشترك مع وكالة السودان للأنباء والإذاعة والتلفزيون، شدد إدريس على أن آليات إنفاذ البرامج الحكومية تسير في انسجام كامل، دون أي خلافات بين المؤسسات، مؤكداً أن التنسيق بين الأجهزة المختلفة يهدف إلى ضمان تطبيق الخطط المتفق عليها بسلاسة وفاعلية، بما ينعكس مباشرة على تحسين حياة المواطنين.
مقومات السودان نحو القوة العالمية
وأشار رئيس الوزراء إلى أن السودان يمتلك ثروات ومقومات تؤهله لأن يكون دولة رائدة على مستوى العالم، بدءاً من موارده الطبيعية الهائلة من معادن وأراضٍ خصبة ومياه وفيرة، وصولاً إلى ثروته الحيوانية الضخمة وتاريخه الحضارى الممتد، وقال إدريس إن إدارة هذه الموارد بكفاءة وثقة ستجعل السودان قوة اقتصادية مؤثرة، مضيفاً: “سوف ننفتح على العالم وفق مبادئ الشراكات المنتجة والاحترام المتبادل”.
لا تنازل عن القضايا الكبرى
وفيما يتعلق بالمسار الوطني، جدد إدريس تأكيده أن الحكومة لن تقبل أي مساومة في القضايا المصيرية التي دافعت عنها القوات المسلحة وقوات الدعم المساندة، موضحاً أن الجميع قاتلوا من أجل هدف وطني واحد. وأردف أن السودان يقترب من طي صفحة القتال، ليفتح مرحلة جديدة قوامها السلام والاستقرار والتنمية المستدامة، وصولاً إلى ما وصفه بـ”النهضة الكبرى”.
أعلن رئيس مجلس الوزراء السوداني، الدكتور كامل إدريس، أن الحكومة ستباشر انتقالها إلى العاصمة الخرطوم في الفترة ما بين أواخر أكتوبر ومطلع نوفمبر المقبلين، مؤكداً أن الاستعدادات جارية لإعادة تهيئة المدينة لاستقبال المواطنين وعودة مؤسسات الدولة لمباشرة مهامها من قلب العاصمة.
عودة الخرطوم.. رسالة سيادة واستقرار
وأوضح إدريس أن الانتقال المرتقب لا يقتصر على إعادة تشغيل مؤسسات الحكم، بل يحمل دلالة سياسية ورمزية عميقة، كونه يؤكد سيادة السودان ويعيد للخرطوم مكانتها التاريخية كعاصمة ومركز لصناعة القرار الوطني، وأضاف أن الدولة ماضية نحو جعل الخرطوم أكثر تنظيماً وأمناً مما كانت عليه قبل اندلاع الحرب.
السلام وفق أولويات الداخل لا ضغوط الخارج
وفيما يتعلق بملف السلام، شدد إدريس على أن أي عملية سلام لن تكون ذات جدوى ما لم تُبنَ على أولويات الشعب السوداني، موضحاً أن الحكومة ترفض أي حلول مفروضة من الخارج أو تتجاهل الإرادة الوطنية. وقال: “القوات المسلحة منفتحة على السلام، لكننا لا نقبل سوى سلام يضمن الحقوق ويحفظ السيادة، ويستند إلى توافق وطني شامل”.
حكومة الأمل.. المواطن في قلب الأولويات
وكشف إدريس أن برنامج الحكومة الجديدة، التي تحمل اسم “حكومة الأمل”، يرتكز على شعار “المواطن أولاً”، موضحاً أن الجهود ستركز على تحسين الخدمات الأساسية في الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، وأكد أن تحسين الوضع المعيشي وضمان حياة كريمة للسودانيين يشكلان المدخل الأهم لتحقيق الاستقرار الداخلي وكسب ثقة المجتمع الدولي.
تنسيق كامل مع القوات المسلحة
وأكد رئيس الوزراء أن عودة الحكومة والمواطنين إلى الخرطوم تتم ضمن خطة محكمة وبالتنسيق الكامل مع القوات المسلحة، مشيراً إلى أن الانتصارات الميدانية الأخيرة عززت قدرة الدولة على فرض الاستقرار، وهو ما يفتح الباب تدريجياً أمام عودة الحياة الطبيعية في العاصمة.
السودان أمام مرحلة جديدة
وختم إدريس تصريحاته بالتأكيد على أن السودان يقف اليوم على أرضية قوية تمكّنه من استكمال مسار السلام العادل والشامل، شرط التمسك بالأولويات الوطنية وعدم الانجرار وراء أي حلول خارجية لا تخدم مصلحة البلاد، وقال إن عودة الحكومة إلى الخرطوم تمثل بداية مرحلة جديدة تعكس إرادة السودانيين في بناء دولة آمنة ومستقرة تعطي الأولوية لمواطنيها فوق كل اعتبار.