اقتصاد

حكم الشرع في تجارة العملة

كتبت / عزه السيد

س/ما حكم الدين فى تجارة العملات

أجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالازهر الشريف فقال يقول الله سبحانه {وأحل الله البيع وحرم الربا} البقرة : 275 ، ويقول { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } النساء : 29 .

التجارة ركن من أهم أركان النشاط الاقتصادى بعد الإنتاج والتصنيع ، وكانت فى الأصل تقوم على مبادلة السلع بعضها ببعض ، ثم تطورت الأمور فاتخذت مقاييس لتقدير السلع ، واتفق كل جماعة على مقياس منها . وكانت قمة الترقى فى اتخاذ النقدين – الذهب والفضة – مقياسا تقوم به السلع ، وتقابل به الأنشطة المختلفة فى التجارة وغيرها .

والبيع والشراء هما ركنا التجارة التى ندب الإسلام إليها، وجعل فيها تسعة أعشار الرزق . ووضع لها حدودا وآدابا تضمن لها الاستقامة وتحول دون الانحراف .
ومن مظاهر الاستغلال والانحراف ” الربا ” الذى هو زيادة أحد العوضين المتماثلين عن الآخر بغير مقابل أصلا، أو بمقابل معنوى هو الأجل عند رد العوض .

ومن أنواع التجارة مبادلة النقود بعضها ببعض ، وتسمى بالصرف ، ومن يعملون فى هذا المجال يطلق عليهم اسم ” الصيارفة ” ومكان مزاولة النشاط يطلق عليه اسم البنك أو المصرف .

وصرف النقود بعضها ببعض يطبق عليه ما جاء فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن أبى بكر قال : نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع الفضة بالفضة . والذهب بالذهب ، إلا سواء بسواء ، وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضة كيف شئنا ، والفضة بالذهب كيف شئنا ، يعنى بدون التساوى أى بالتفاضل . وكذلك حديث البخارى ومسلم عن أبى المنهال قال : سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف ، فكل واحد يقول : هذا خير منى . فكلاهما يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق -بكسر الراء أى الفضة-دَيْنًا . يعنى لأجل ، وكذلك حديثهما عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز “يعنى لا تبيعوا المؤجل بالحاضر، ومعنى ” لا تشفوا ” لا تفاضلوا بالزيادة أو النقصان .

يؤخذ من هذه الأحاديث أن شرط صحة الصرف فى العملة المتماثلة – الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة – التساوى والحلول أى عدم التأجيل . أما عند اختلاف العملة – الذهب بالفضة – فلا يشترط التماثل والتساوى ، وإنما يشترط الحلول وعدم التأجيل . .
ويوضح ذلك حديث مسلم عن عبادة بن الصامت مرفوعا ” الذهب بالذهب والفضة بالفضة ، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد”

.
قال الشافعى : العلة فى الذهب والفضة أنهما من جنس الأثمان ، فكل ما كان من جنس الأثمان يشترط فيه التماثل والحلول إذا كان النوع واحدا ، فإذا اختلف النوعان جاز التفاضل بشرط الحلول .

وقد استبدل الناس الآن بالذهب والفضة أوراقا مالية بعضها يعتبر سندا على البنك ، وبعضها يعتبر قيمة مستقلة ، كالدولار والجنيه والفرنك ، فيجرى عليها حكم الذهب والفضة لاختلاف قيمتها ، فيجوز صرف الدولار بالجنيه مع عدم التساوى بشرط الحلول وعدم التأجيل . فصرف الأوراق المالية بعضها ببعض هو ما يطلق عليه الآن اسم التجارة فى العملة ، والبنوك تقوم بذلك ، والأفراد أيضا يقومون به .

وإذا كان هناك سعر رسمى صدر به قرار من ولى الأمر كان كالتسعير لكل سلعة ، والتسعير فيه وجهات نظر مختلفة ، لكن إذا كان عادلا وروعيت فيه المصلحة العامة ينبغى الالتزام به ، كما ينبغى التزام التسعير فى السلع الأخرى .

هذا ، وقد ثبت فى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم ” قال : ” من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه ” قال ابن عباس : وأحسب كل شىء بمنزلة الطعام (صخرة حيح مسلم بشرح النووى ج 10 ص 168 ” .
وبيع الشىء قبل قبضه يسمى بيع الصِّكاك . يقول النووى فى شرح صحيح مسلم : الصكاك جمع صك ، وهو الورقة المكتتبة بدين – ويجمع أيضا على صكوك -والمراد هنا الورقة التى تخرج من ولى الأمر بالرزق لمستحقه ، بأن يكتب فيها للإنسان كذا وكذا من طعام أو غيره ، فيبيع صاحبها ذلك لإنسان قبل أن يقبضه ، وقد اختلف العلماء فى ذلك ، والأصح عند أصحابنا وغيرهم جواز بيعها ، والثانى منعها . ثم أورد حجة الفريقين .

والأوراق المالية صكوك تتداول فى الأسواق ” البورصات ” وهى ذات قيمة حلت محل النقدين الذهب والفضة ، فان كان فيها تقابض جاز التعامل . وإن لم يكن هناك تقابض كان فيها الرأيان المذكوران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.