حلقة الدحيح “خالد بن الوليد” تجريد تاريخ الإسلام من روحه، وتحويله لحكايات عسكرية وسياسية منزوعة من الوحي

اللي شاف حلقة الدحيح عن خالد بن الوليد رضي الله عنه وخرج مبسوط، يا ريت يراجع نفسه.
مش لأن الحلقة معمولة وحش؛ بالعكس، الإنتاج نضيف والسرد جذاب.
لكن لأن المشكلة مش في الشكل،
المشكلة في المنهج اللي وراه.
اللي اتعمل في الحلقة هو بالضبط نفس اللي عمله المستشرقون من سنين طويلة،
تجريد تاريخ الإسلام من روحه، وتحويله لحكايات عسكرية وسياسية منزوعة من الوحي، كأن الصحابة قادة جيوش بس، مش مؤمنين شايلين رسالة.
وده — للعلم — هو نفس الخط اللي بتمشي عليه العلمانية العربية:
احكي القصة، بس شيل منها الإيمان، واسيب الناس تشوف الفتوحات كمشاريع توسع، وتشوف الصحابة بارعين عسكرياً وسياسياً، وتشوف الدين مجرد ظرف اجتماعي يناسب الزمان والمكان اللي بدأ فيه وبس.
الأسلوب ده مش بريء، ولا “عرض محايد للتاريخ” زي ما بيبان.
ده تفريغ ممنهج:
تشيل الوحي
تشيل العقيدة
تشيل مقصد الرسالة
وتسيب ورانا نسخة باهتة من خالد بن الوليد:
مغامر، ذكي، قائد، بس مش رجل آمن بالله ورسوله وتغير جذريًّا بالإسلام.
ودا أخطر من أي خطأ تاريخي.
لأنك لما تشيل الإيمان من حياة خالد بن الوليد الصحابي الجليل، طبيعي تفسّر كل اللي حصل بمنطق سخيف:
الإمبراطوريات ضعفت، فالمسلمين استغلوا الفرصة!
طب فين التحول العقدي؟
فين الانقلاب الداخلي اللي حول خالد من سيف على الإسلام إلى سيف للإسلام؟
إزاي يتحول قلبه؟ ليه ضحّى؟ ليه عاش بالطريقة دي؟
ده كله مش موجود، لأن المنهج نفسه شايل البُعد الإيماني من التاريخ.
واللي أخطر إن الناس مبسوطة وبتطلب “كمان حلقات زي دي”!
يعني عادي عندهم نسمع سيرة الصحابة بنفس طريقة المستشرقين؟
عادي نسيب العقدي ونمسك في “التكتيكات”؟
عادي يتحول تاريخ أمتنا لجرد حساب عسكري وسياسي؟!
يا جماعة
هذا ليس سردًا للتاريخ؛ هذا خلعٌ لسياقه الإيماني، ومحاولة رسم صورة بلا روح.
وخالد بن الوليد بالذات لا يُفهم إلا في ضوء الإيمان الذي صاغه، وقلبه الذي انقلب، ورسالةٍ عاش لها ومات عليها.
العبقرية العسكرية جزء من القصة
لكنها مش القصة.
القصة تبدأ بالإيمان، وتنتهي بالإيمان.
وأي حد يحاول يقدمها من غير ده
فهو — بقصد أو بغير قصد — يعيد إنتاج طريقة المستشرقين اللي قضوا عمرهم يشيلوا قوة الدين “المعاني الإيمانية” من تاريخ المسلمين.
باختصار:
الدحيح قدّم خالدًا ولكن بلا خالد.
وقدّم تاريخًا ولكن بلا روح.
والناس صدّقت ولكن بلا تدقيق في التلاعب المحترف بعقول المشاهدين.
التاريخ الإسلامي إذا نُزع منه الإيمان
يبقى مجرد قصص معارك.
والصحابي إذا نُزع منه الوحي
يبقى مجرد قائد.
والفتوحات إذا نُزع منها الهدف
تبقى مجرد توسع سياسي.
وهذا — تحديدًا — ما يجب أن نرفضه،
وما يجب أن نكشفه،
وما يجب أن نعلم الجيل ألا ينخدع به مهما كان السرد جذابًا.
طيب ليه المستشرقون أحبّوا هذا المنهج وهذه الطريقة في السرد؟
لأنهم وجدوا أن أفضل طريقة لإضعاف الإسلام ليست مهاجمته، بل:
إعادة تعريفه دون وحي.
فتاريخ بلا إيمان،
يعني:حضارة بلا رسالة
يعني: دين بلا معنى
يعني:جيل جديد بلا هوية.
والمؤسف أن كثيرًا من صناع المحتوى اليوم يكررون هذا المنهج حرفيًا بوعي أو دون وعيٍ بمقاصده الأصلية!
مختارة من حساب “محمد سعد الأزهري” على فيسبوك.



