أراء وقراءاتالعالمالمجتمع

حماية الفطرة الإنسانية: تأملات بقلم د. أمين رمضان

 

صورة تعبيرية

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وأودع فيه فطرته التي فطر الناس جميعًا عليها، لا تبديل لهذه الفطرة، مهما طرأ عليها من تقلبات وأحوال، أو ران عليها من شرور وآثام، تظل محتفظة بجوهرها وقابلة لأن تعود إلى ينابيع الخير فيها.

بل إن الفطرة تحمل داخلها جهاز الاستشعار الخاص بها، به تعرف الخير وتنجذب إليه وتحبه، وتعرف الشر وتكرهه وتنكره، حتى وإن مارسته، ولذلك تجد أعمال الخير منتشرة في العالم كله، وفي جميع البشر، باختلاف ألوانهم ولغاتهم وتعليمهم وثرواتهم وعقائدهم، مما يدل على أنها الأصل في الإنسان، وأنها كنز ثمين من المشترك الإنساني الذي يمكن أن يكون عقداً إنسانياً فريداً تتزين به الأرض، ليشع جماله وسط القبح الذي يمكن أن يظهر هنا وهناك.

حرصت الشرائع السماوية والأرضية في حماية هذه الفطرة وصيانتها، وإن اختلفت الشرائع السماوية في حمايتها للإنسان، بينما الشرائع البشرية تحمي المواطن في أغلب الأحوال.

حماية الكليات الخمس وهي: العقل والمال والنَّفس والعِرض والدين… هي في الواقع حماية لهذه الفطرة. ولا يمكن توفير هذه الحماية إلا في المجتمعات الحرة والقائمة على العدل.

يتم حماية العقل بتوفير مناخ يمارس فيه الإنسان حرية التفكير والاختيار، وحماية المال بمنع سرقته واغتصابه، وحماية النفس بتجريم القتل، وحماية العرض بتجريم الاغتصاب والتحرش والزنى، وحماية الدين بحرية اختيار العقيدة وعدم الإكراه، نزلت وسائل الحماية من السماء في صورة شرائع مختلفة لدين واحد هو الإسلام، ووصل إليها الناس في العالم كله، لأنها قيم إنسانية مشتركة في الفطرة الإنسانية.

وإذا أردت أن تعرف رقي المجتمعات إيمانيًا أو إنسانياً، فأفضل معيار لذلك هو درجة صيانتها وحمايتها للفطرة الإنسانية المتمثلة في هذه الكليات الخمس، وهذا هو المعيار الحقيقي للمجتمع الإنساني الذي يحمي الفطرة الإنسانية من الاعتداء عليها، في أي جانب من جوانبها، وبأي صورة كانت.

الدكتور أمين رمضان
aminghaleb@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.