حين تهتف الرسائل: “شكرًا يا مستر”… يرد القلب: بل أنا من يشكركم

رنّ الهاتف. لم يكن الصوت واضحًا، ولا الكلمات منسجمة، فقط رجفة خافتة… وانقطاعٌ مفاجئ.
لكنني شعرت بها، تلك الرجفة التي لا تُرى، ولا تُسمع، بل تُحسّ.
ازدادت الزحمة على الشبكة، وازدحمت المشاعر داخلي.
رسائل تُشبه الندى
رسائل تنهال كقطرات ندى على وجه الطفولة المضيء، تبعث في القلب بهجة لا تُوصف:
“شكرًا يا مستر… حصلت على 79 ونصف من 80 في اللغة العربية، وتفوقت بفضلكم…”
“مجموعي 96%… ربنا يجازي حضرتك عنّا كل خير…”
“أنا من الأوائل… وأنت السبب بعد الله…”
لم أعد أقرأ كلمات، بل أسمع نبضات، وتترجم دموعي ما عجز لساني عن قوله.
آن أوان الشكر
وفي لحظة من الصمت المزدحم بالفرح، قلت لنفسي:
“الآن… آن أوان الشكر، لا مجاملةً، بل وفاءً.”
كان لا بد أن أرفع قلمي قبل رأسي، لأسجّل عرفاني لأرواح عظيمة:
-
لأبٍ وقور، سمعته يومًا يُحدّث ابنته “ندى” عن الأمانة في زمن السماعات، وعن الخوف من الله لا من المراقب.
-
لأم ملك، التي لم تكتفِ بالسؤال، بل سهرت وتابعت وشاركت كرفيقة لا كمتلقية.
-
لابنتي سمر، التي أوفت، ولابني عمر، الذي صدق الوعد، ومضى في طريق النجاح دون الالتفات لشائعات الغش أو رعب الأرقام.
تحية إلى جنود الظل
ثم، لا يمكنني أن أواصل دون أن أنحني احترامًا لزملائي المعلمين،
أولئك الذين يعملون بصمت… بلا كاميرات، ولا أضواء،
لكنهم يضيئون العقول والقلوب، ويصنعون الفرق دون أن يطلبوا التصفيق.
النجاح ليس صدفة
النجاح ليس حظًّا ولا صدفة، بل هو قصيدة تُكتب:
-
بحبر التضحية،
-
ودموع السهر،
-
وعرق الإخلاص.
هو منظومة تبدأ من حضن أم، وتمتد إلى صوت أب، وتزهر في يد معلّم، وتتوهج في عقل طالب صدق وأحب الطريق، وإن كان شاقًّا.
شكري إليكم
شكرًا لكل يدٍ شاركت في هذا البناء.
شكرًا لكل أم وأب ومعلم مخلص، ولكل طالب قاوم زمن السماعات وأكمل.
أما أنا…
فكلما هتفت رسالة:
“شكرًا يا مستر”،
ردّدت في قلبي:
بل أنا من يشكركم… أن علّمتموني أن رسالتي لا تضيع.
مختارة من صفحة الفيسبوك للأستاذ حسن محمد السعدني كبير معلمي اللغة العربية -مدرسة السعدية الثانوية – إدارة شربين التعليمية