كتبت: د.هيام الإبس
أعلن الدكتور محمد مصطفى، رئيس المركز العربى- الإفريقى لثقافة السلام والديمقراطية فى السودان: “إن الجيش السودانى يتبع فى الوقت الراهن مبدأ، حارب كما لم يكن هناك سلاماً يلوح فى الأفق، ثم فاوض بقوة وسالم ونفذ ما اتفقت عليه بقوة وعزيمة أكبر، الحرب هكذا يزايد المتحاربان وكل طرف يزيد من سقف موقفه المتشدد ليكسب فى أقرب عملية تفاوض”.
وأضاف فى حديثه لـ”سبوتنيك”: “حسب علمنا فإن قادة الجيوش يُصرحون و يتطرفون فى تصريحاتهم فى فترات هم قد يكونوا أحوج للسلام أكثر من أى وقت مضى، حتى يستطيعون تحقيق أكبر قدر من المكاسب، فإذا تابعتم تصريحات حميدتى عندما كان مسيطراً ومتفوقاً فى ساحات المعارك، كان دائما يُعلن استعداده لوقف الحرب والدخول فى مفاوضات لأنه كان يعلم أن موقفه الميدانى قد يحدد سقف مطالبه العالية جداً”.
وتابع مصطفى: “الآن الجيش السودانى قد أحدث تقدم فى الميدان، وحقق مكاسب على الأرض بتحرير السوكى الدندر وجبل موية وسنجة وعدد من قرى ولاية سنار، ثم استطاع إفشال السيطرة على الفاشر من قبل الدعم السريع أكثر من مائة مرة، وحقق تقدمٱ كبيراً فى أم درمان وبحرى وبدأ يُُظهر تعاونه مع الأمم المتحدة بفتح ممرات وتحديد مراكز للعمل الإنسانى”.
وأشار رئيس المركز العربى، إلى أن “هذه المرحلة رغم حدة تصريحات الجيش فيها قد تكون المرحلة التى تسبق عملية التفاوض، لأن هذا التقدم إذا بلغ مستوى يجعل الجيش يحقق ما يريده فى المفاوضات سيظهر الجيش رغبته الأكيدة فى عملية التفاوض، لأنه يدرك تماماً تعقيدات إمكانية الحسم العسكرى وبالمقابل تجد أن الدعم السريع لم يكن بذات الحماس لعملية التفاوض، ليس لأنه لا يريد التفاوض، ولكنه وحسب تقييمه يتوقع أن إعلان رغبته فى ظل تراجع آدائه الميدانى قد يرفع من معنويات الجيش وفى الوقت ذاته قد تتراجع الروح المعنوية لقواته”.
وأردف: “لاحرب تعقيدات وحسابات غريبة بعض الشيء، لكن فى كل الأحوال لابد من السلام لأن حسابات الإنتقام قد تكلفنا ثمناً باهظاً جداً ، رغم الجرائم التى ارتكبت فى دارفور والتى كلفتنا أكثر من خمسمائة ألف نفس بريئة، وشردت أكثر من ثلاثة ملايين نسمة ما بين نازح ولاجئ، إلا أن قادة الحركات جلسوا أكثر من مرة على طاولة المفاوضات مع من كان سيد المجرمين ومطلوب فى محكمة لاهاى، ومنهم من وصل معه إلى اتفاق سلام رغم أنه لم ينفذ أى إتفاق، وظل النازحون واللاجئون فى معسكراتهم حتى اللحظة”.
ويقول مصطفى: “منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع فة 15 أبريل 2023 وحتى الآن حسب التقديرات، فقدنا أكثر من مائة وسبعين ألف يعنى ثلث الذين فقدناهم فى دارفور خلال أشهر قليلة، ونسبة الاغتصاب في دارفور كان أضعاف ما حدث الآن، وكذلك أن أهل دارفور الذين تم تشريدهم فقدوا كل ممتلكاتهم، فالجنجويد نهبوا حتى سقوف ومنافذ المساجد دعك من البيوت والممتلكات الأخرى”.
ولفت مصطفى، إلى أن “الحرب قاسية خاصة فى ظل انعدام أخلاقياتها وقوات لا تعرف القانون والمواثيق ولا القواعد والنظم، وكلما مر يوم نخسر أكثر، لذلك لابد من العودة للحكمة والعمل بمنطق الأخلاق والإنسانية وإعلان وقف الحرب والعمل بجدية لإنهائها وإلى الأبد”.