خطبة الجمعة الموافق 11 اغسطس 2023…… اسم الله الولي
إعداد الدكتور عبد المنعم ابراهيم عامر.
الأسباب الدافعة لهذا الموضوع :-
بيان بعض بركات اسماء الله الحسنى في حياتنا لمن تبرك بها.
بيان بعض آثار أسماء الله الحسنى في حياتنا لمن فهمها وفقههامن ذلك :
زيادة العلم بالله مما يورث الخشية والتقوى ولا يتصور طريق أقرب لتحصيل ذلك إلا بمعرفة أسماءه وصفاته الثابته في كتابه فقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي كتاب “الْأَسْمَاء وَالصِّفَات” بِسَنَد حسن عَن بن عَبَّاسٍ: ( أَنَّ الْيَهُودِ أَتَوُا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالُوا صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَعْبُدُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ” قُلْ هُوَ الله أحد إِلَى آخِرِهَا” فَقَالَ:” هَذِهِ صِفَةُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ”)
الوقوف على فقهها وفهمها يدفعنا لدعاء الله بها امتثالاً لقوله تعالى: { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأعراف: 180.
زيادة الاقبال على الله والرجاء في كرمه وعظيم فضله:
عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا»
ولأن إحصاء الْأَسْمَاء الحسنى مُوجِبُ للْجَنَّةَ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ»
اختيار اسم الله الولي أنموذجًا على ذلك،ولأسباب أخرى منها:
– مشاهدة آثار اسم الله الولي في كل أمور حياتنا.
– اهتمام الناس بقضية حفظهم وأموالهم وأولادهم وأوطانهم.
– بيان بعض الطرق المشروعة لنيل ولاية الله.
بيان بعض الطرق الموهومه للولاية.
لقد سَمَّى الله عز وجل نفسه باسم (الولي)، فهو من أسمائه الحسنى، وعرف الزجاج هذا الاسم بقوله: «هو فعيل من الموالاة، والولي الناصر وهو تعالى وليهم أي: المؤمنين.
بأن يتولى نصرهم وإرشادهم، كما يتولى ذلك من الصبي وليه، وهو يتولى يوم الحساب ثوابهم وجزاءهم.
إن الكلام عن ولاية الله عز وجل لعباده تتطلب بيان أن الله جل جلاله هو وحده الولي، وأن ولايته تعالى تنقسم إلى قسمين: ولاية عامة لجميع خلقه، وولاية خاصة لأصفيائه المؤمنين مع شرح موجبات هذه الولاية لهم خاصة دون غيرهم، بالإضافة إلى شرح أسباب الحرمان من ولاية الله عز وجل، وتفصيل هذه الأمور فيما يأتي:
أولًا: الله تعالى هو الولي:
هناك آيتان قرآنيتان فقط أثبتتا أن الله تعالى هو الولي، وهما:
– قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الشورى:9].
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى:28.
أَمَّا ” وَلاَيَةُ اللَّهِ تَعَالَى ” لِلْمُؤْمِنِينَ، فَمَدْلُولُهُ أَنَّهُمْ أَقْبَلُوا عَلَى اللَّهِ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَعْصِيَتِهِ، فَقَرُبَ مِنْهُمْ بِالْمَحَبَّةِ وَالْهِدَايَةِ وَالنُّصْرَةِ، وَتَوَلَّى أَمْرَهُمْ فَلَمْ يَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ لَحْظَةً، وَكَفَل مَصَالِحَهُمْ وَرَعَاهُمْ بِحِفْظِهِ وَتَوْفِيقِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ قَال الشَّرِيفُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ: الْوَلِيُّ – فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ – هُوَ مَنْ تَوَالَتْ طَاعَتُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّل عِصْيَانٍ. أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، فَهُوَ مَنْ يَتَوَالَى عَلَيْهِ إِحْسَانُ اللَّهِ وَإِفْضَالُهُ.
ونخلص من هذا إلى أن الله تعالى هو ولي المؤمنين حيث يتولى نصرهم وإرشادهم، كما يتولى ثوابهم وجزاءهم يوم الحساب، وأيضًا هو المتولي لأمور العالم والخلائق القائم بها، فهو مالك الأشياء جميعها والمتصرف فيها.
الأدلة على ذلك من السنة:
1- قال ابو سفيان: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالحَرْبُ سِجَالٌ، إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي القَوْمِ مُثْلَةً، لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي، ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: أُعْلُ هُبَلْ، أُعْلُ هُبَلْ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: ” قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ “، قَالَ: إِنَّ لَنَا العُزَّى وَلاَ عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَلاَ تُجِيبُوا لَهُ؟»، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا نَقُولُ؟ قَالَ: «قُولُوا اللَّهُ مَوْلاَنَا، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ».
ثانياً:ولاية عامة للخلق جميعًا:
عرفنا أن الله تعالى وحده هو المتصف بالولاية الحقة، فإذا كان كذلك فهو الأولى بالعبادة والأحق بها مما يعبد من دونه من الآلهة والأوثان؛ فلهذا السبب نعى الله عز وجل على المشركين وأنكر عليهم اتخاذهم آلهة يعبدونها من دونه جل جلاله، فقال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الشورى:9].
كما أخبر فيها أنه هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده عز وجل، فإنه وحده القادر على إحياء الموتى، وهو على كل شيء قدير () .
وكذلك قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [الشورى:28].
فالله تعالى هو الذي ينزل المطر الغزير الذي يغيث البلاد والعباد من بعد انقطاعه مدة يظن بها الناس أنه لن يأتيهم، فينشر الله عز وجل بالمطر رحمته من إخراج الأقوات للآدميين وبهائمهم، فيستبشرون بذلك ويفرحون، فالله جل جلاله هو الولي الذي يتولى عباده بأنواع التدبير، ويتولى القيام بما يصلح لهم دينهم ودنياهم، كما أنه الحميد في تدبيره على ما له من كمال مطلق، وما يوصله إلى خلقه من ألوان الإفضال وأنواعه.
ثالثًا: ولاية خاصة لأوليائه وأصفيائه وموجباتها:
إن الله تعالى اصطفى أهل الإيمان من خلقه، وحظاهم وأولاهم رعايته ونصرته، فقال جل جلاله فيهم: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة:257].
أسباب ولاية الرب للعبد وموجباتها:
اعلم أن هذه الولاية الخاصة لا تتحقق إلا بموجبات وأسباب يتوصل بها إليها وهذه الموجبات كثيرة:
الأول: الإيمان: ( اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ):
ومن الأدلة على ذلك:
– يقول الله عز وجل في بيان ولايته لأهل الإيمان: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}
يقول تعالى أيضًا في هذا الصدد: { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ.
الثانى: التقوى: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 19]
ومن الأدلة على ذلك من القرآن :
-قوله عز وجل في بيان ولايته لأهل التقوى: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنفال: 34].
الثالث: الصلاح: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف:196]
الرابع: الحب في الله:
عن عمر – رضي الله عنه – أن النبي ﷺ قال: (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلاَ شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمُ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا فَوَ اللهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62]) ().
الخامس : بدأ الناس بالسلام:
عن أبي أمامة- رضي الله عنه- قال:قال رسول الله ﷺ: «إنّ أولى النّاس بالله من بدأهم بالسّلام»().
السادس: الدعاء:
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : “عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ : اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ
آثـــــــــــــــــار ولاية الله للمؤمنيــــن:
إن المؤمنين عندما يتخذون الله عز وجل حبيبًا ووليًّا فلا يتولون غيره، ولا يشركون به شيئًا، ويوالون أولياءه، ويتبرؤون من أعدائه، فإن الله تعالى سوف ينعم عليهم من مَنِّهِ وإحسانه الشيء الكثير، فتظهر عليهم آثار ولاية الله تعالى لهم.
ومن هــــــــــــذه الآثــــــــــــــار:
– لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ:
قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس:62 -64.
يُخْرِجُهُمْ من ظلمات الكفر والمعاصي والجهل إلى نور الإيمان والطاعة والعلم:
قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة: 257
نصرهم وتأييدهم:
تقدم معنا اقتران اسم الله تعالى (الولي أو المولى) باسمه تعالى النصير ثلاث عشرة مرة في القرآن الكريم، منها -على سبيل المثال- قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا} [النساء:45].
وقوله: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج:78].
وعزتهم:
إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ .
5- إعلان الحرب على من يعاديهم:
هذا وقد ورد عن النبي ﷺ في الحديث القدسي: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ” إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ ” .
لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ:
قال الله عز وجل: { وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 126، 127
من كان وليه الله لا يفشل:
قال تعالى:﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران: 122]
من أسباب حرمان ولاية الرب للعبد وموجبات ذلك :
اعلم أن حرمان ولاية الرب للعبد وموجبات ذلك له أسبابه أيضًا والتى منها:
الأول: الكفر: « اللَّهُ مَوْلاَنَا، وَلاَ مَوْلَى لَكُمْ»().
ومن الأدلة على ذلك:
قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة:275.
الثانى: النفاق.
إن الشخص المنافق هو الذي يظهر خلاف ما يبطن، حيث يظهر الإسلام، ويخفي الكفر، فخطره على الإسلام والمسلمين أشد من خطر الكفار؛ لأن عداءهم للمسلمين غير واضح ولا ظاهر، فمن اتصف بهذه الخصلة السيئة يحرم نفسه من ولاية الله عز وجل له في الدنيا والآخرة.
يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (15)قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا (16) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}[الأحزاب: 13 – 17] .
الثالث: اتباع الهوى.
إن من لم يأتمر بأوامر الله تعالى، وينتهي عما نهى الله تعالى عنه، فإنه يعرض نفسه للحرمان من ولاية الله تعالى، وحفظه ورعايته ونصرته له.
يقول الله عز وجل: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة: 120
الرابع: الضلال.
وهو عكس الهداية والتوفيق، فمن كان على ضلالة فكيف يكون الله تعالى وليه وناصره؟!
يقول الله عز وجل: ﴿وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ [الإسراء: 97
الخامس: الظلم.
يقول الله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (٨) ﴾ [الشورى: 7-8]
السادس: عمل السيئات.
يقول الله عز وجل: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ [النساء: 123
السابع: الاستكبار.
الاستكبار حالة تمنع صاحبها من نيل ولاية الله تعالى له، وفي هذا يقول الله عز وجل: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء:173 – 172]
الثامن: الركون للظالمين.
قال تعالى:﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [هود: 113]
.