احدث الاخبارالصراط المستقيم

خطبة الجمعة الموافق 30سبتمبر2022.النبى محمد ﷺ من المولد إلى البعثة..

إعداد الدكتور عبد المنعم ابراهيم عامر.

الدافع للحديث عن هذا الموضوع عدة أمور منها :

ليست هذه الخطبة لإحياء ذكر النبي ﷺ فما من مطلع شمس إلا ويذكر ﷺ بمالا يحصى عدده من الذكر بين مؤذن ومصلى ومتشهد وذاكر ومعلم ومتعلم نطقاً ورقماً والأمر فيه كما قال تعالى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } [الشرح: 4، 5] ولا يُذكر الله إلا ويذكر الرسول ﷺ فذكره لا ينتظر مثل هذه الخطبة ليذكر أو يذكر به فقد رُفع ذكره ﷺ.

وليس هذه الخطبة إحتفال بعيد ميلاده الذى لم يحتفل به ولا خلفاءه ولا أحد من اصحابه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، ولكنها بدعة فاطمية اختاروا لها أضعف الأقوال في تاريخ ميلاده. ﷺ.

إنما التذكير ببعض أحواله قبل بعثته لنقف على مدى شمائله وأخلاقه العظيمة حتى قبل البعثة ليزداد حبه فى قلوبنا محبة على محبة ونزداد بحبه إلى رب العالمين قربة ، لهذا ولغيره قلت أتكلم عن النبي ﷺ قبل البعثة أو من ميلاده الى البعثة.

ذِكْرُ اصْطِفَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ ﷺ مِنْ بَيْنِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ:

عَنْ أَبِي عَمَّارٍ شَدَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».

وقوله ﷺ: “إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم عليه السلام لمنجدل في طينته” له شاهد من حديث ميسرة الفجر ، بلفظ قال: قلت: يا رسول الله متى جُعلت نبياً؟ قال: “وآدم بين الروح والجسد.

ذِكْرُ مَا خَصَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنَ الْعِصْمَةِ وَحَمَاهُ مِنَ التَّدَيُّنِ بِدِينِ الْجَاهِلِيَّةِ وَحِرَاسَتِهِ إِيَّاهُ عَنْ مَكَائِدِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَاحْتِيَالِهِمْ عَلَيْهِ ﷺ:

حفظ الله لرسوله ﷺ من أوضار الجاهلية

نشأ ﷺ كما هو معلوم في مجتمع جاهلي يعبد أهله الأصنام ويدعونها من دون الله ويذبحون لها، ويعتقدون في السحرة والكهان، ويستقسمون بالأزلام، ويتعاملون بالربا والميسر، ويشربون الخمر، ويقطعون السبيل، ويسيئون الجوار، إِلى غير ذلك من انحرافات الجاهلية، ولكن الله تولاه وحفظه فلم يشاركهم في شيء من انحرافاتهم، وهو ﷺ لم يجلس إِلى معلم يعلمه وإِنما تولته عناية الله ورعايته()

عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ ﷺ يَقُولُ: ” مَا هَمَمْتُ بِقَبِيحٍ مِمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَهُمُّونَ بِهَا إِلَّا مَرَّتَيْنِ الدَّهْرَ كِلْتَاهُمَا يَعْصِمُنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهَا قُلْتُ لَيْلَةً لِفَتًى مِنْ قُرَيْشٍ بِأَعْلَى مَكَّةَ فِي أَغْنَامٍ لِأَهْلِنَا نَرْعَاهَا: انْظُرْ غَنَمِي حَتَّى أَسْمُرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِمَكَّةَ كَمَا يَسْمُرُ الْفِتْيَانُ قَالَ: نَعَمْ فَخَرَجْتُ فَجِئْتُ أَدْنَى دَارٍ مِنْ دُورِ مَكَّةَ سَمِعْتُ غِنَاءً وَضَرْبَ دُفُوفٍ وَزَمْرًا فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: فُلَانٌ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ فَلَهَوْتُ بِذَلِكَ الْغِنَاءِ وَبِذَلِكَ الصَّوْتِ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنَيَّ فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ فَرَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي فَقَالَ: مَا فَعَلْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ ثُمَّ قُلْتُ لَهُ لَيْلَةً أُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ فَفَعَلَ فَخَرَجْتُ فَسَمِعْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقِيلَ لِي مِثْلَ مَا قِيلَ لِي فَلَهَوْتُ بِمَا سَمِعْتُ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنَيَّ فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا مَسُّ الشَّمْسِ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى صَاحِبِي فَقَالَ لِي: مَا فَعَلْتَ؟ فَقُلْتُ: مَا فَعَلْتُ شَيْئًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَوَاللَّهِ مَا هَمَمْتُ بَعْدَهُمَا بِسُوءٍ مِمَّا يَعْمَلُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى أَكْرَمَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِنُبُوَّتِهِ “.

وهذا الحديث يوضح لنا حقيقتين كل منهما على جانب كبير من الأهمية:

الأول أن النبي ﷺ كان متمتعًا بخصائص البشرية كلها، وكان يجد في نفسه ما يجده كل شاب من مختلف الميول الفطرية التي اقتضت حكمة الله أن يجبل الناس عليها، فكان يحس بمعنى السمر واللهو، ويشعر بما في ذلك من متعة، وتحدثه نفسه لو تمتع بشيء من ذلك كما يتمتع الآخرون.

قلت: يذكرك ذلك بقول عمر وقد سئل عن الذي يشتهي المعصية ولا يأتيها والذي لا يشتهيها ولا يلأتيها أيهما أفضل : قال الذي يشتهي المعصية ولا يأتيها {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ } [الحجرات: 3]

أخرج أَحْمد فِي الزّهْد عَن مُجَاهِد قَالَ: كتب إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رجل لَا يَشْتَهِي الْمعْصِيَة وَلَا يعْمل بهَا أفضل أم رجل يَشْتَهِي الْمعْصِيَة وَلَا يعْمل لَهَا فَكتب عمر رَضِي الله عَنهُ: إِن الَّذين يشتهون الْمعْصِيَة وَلَا يعْملُونَ بهَا {أُولَئِكَ الَّذين امتحن الله قُلُوبهم للتقوى لَهُم مغْفرَة وَأجر عَظِيم}()

الثاني؛ أن الله عز وجل قد عصمه مع ذلك عن جميع مظاهر الانحراف وعن كل ما لا يتفق مع مقتضيات الدعوة التي هيأه الله لها.

لم يكن رسول الله ﷺ قبل البعثة بمعزل عن المجتمع بل كان يشارك في الأمور العامة التي بها مصالح ومنافع ويجتنبهم فيما فيه انحراف ومن أشهر الأمور التي شارك فيها:

1 – حَرْبُ الْفِجَارِ

وسميت بهذا الاسم لانتهاكهم حرمة الأشهر الحرم بالقتال فيها، وفجارات العرب كثيرة لكن التي شارك فيها رسول الله – ﷺ -وله من العمر خمسة عشرة سنة- هي التي كانت بين قريش وكنانة وبين قيس عيلان، وكانت قيس هي البادئة بالقتال في الشهر الحرام ومشاركة النبي ﷺ هي أنه كان يجهز لأعمامه النبل للرمي به () وكان الظفر فيها لقريش وكنانة على قيس.

2 – حلف الفضول:

سمي حلف الفضول لأقوال: منها أن الذين شاركوا فيه كان يسمى كل واحد منهم الفضل، وقيل لأنهم دخلوا في أمر فضل غير متعين عليهم، وقيل -وهو الأقرب- من الفضيلة أي الأمر الذي دخلوا فيه وتعاقدوا عليه وهو نصرة المظلوم، أمر فاضل حسن من مكارم الأخلاق.

وسبب الحلف أن رجلا من زَبيد قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي، ولكن لم يعطه الثمن ومطل به، فطلب الرجل من ينصره عليه فلم يجد أحدًا في أول الأمر، فرقى جبل أبي قبيس ونادى بأعلى صوته وقال في ذلك شعرًا يصف مظلمته:

يا آل فهر لمظلوم بضاعته … ببطن مكة نائي الدار والنفر

ومحرم أشعث لم يقض عمرته … يا للرجال وبين الحِجر والحجر

إِن الحرام لمن تمت كرامته … ولا حرام لثوب الفاجر الغُدِر

فمشى في ذلك الزبير بن عبد المطلب وقال: ما لهذا مترك!! حتى اجتمعت قبائل من قريش في دار عبد الله بن جدعان التيمي، وتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلومًا من أهلها أو غيرهم إِلا نصروه وقاموا معه حتى ينال حقه، وقد شهد هذا الحلف رسول الله ﷺ وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة: لقد شهدت فى دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت بمثله في الإِسلام لأجبت

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: ” شَهِدْتُ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ مَعَ عُمُومَتِي وَأَنَا غُلامٌ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وَأَنِّي أَنْكُثُهُ ”

وهذا الحلف ينافي الحمية الجاهلية ويعد من مكارم الأخلاق، ومن مفاخر العرب وقيامهم بحقوق الإِنسان.

وقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم في  بناء الكعبة المشرفة:

أرادت قريش بناء الكعبة لما وقعت بعض جدرانها من أثر السيل، وأخذ بعض السراق كنزها ولم تكن مسقوفة، فأجمعوا على ذلك وأن لا يدخل في بنائها إِلا الطيب من أموالهم، ولا يدخل فيها مال من ربا أو مهر بغي. وأول من بدأ نقض الجدران الوليد بن المغيرة المخزومي وتبعه الناس وكانوا يهابون ذلك، ثم أخذوا في بنائها ورفعوها ثمانية عشر ذراعًا، ولكن قصرت بهم النفقة الحلال فانقصوا من مساحتها التي على قواعد إِبراهيم – عليه السلام – وأخرجوا من الجهة الشمالية ستة أذرع وشيئا (). وحجروا عليه ووسعوا في الحِجر، وجعلوا لها بابًا واحدًا، ورفعوه حتى لا يدخلها إِلا من أرادوا.

وقد شارك معهم النبي ﷺ وكان ينقل الحجارة، ولما اختلفوا في وضع الحجر الأسود وكاد يقع بينهم الشر احتكموا لأول داخل من باب الصفا، فكان رسول الله هو أول داخل ولما رأوه قالوا: هذا الأمين، ووفق ﷺ في حل الإِشكال بحل أرضى الجميع وحقق العدل وقطع الفتنة، فدعى بثوب ثم وضع الحجر الأسود فيه وقال: ليأخذ كل رجل بطرف الثوب، ثم رفعوه فأخذه بيده الكريمة ووضعه في مكانه.

رعيه ﷺ الغنم :

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ ﷺ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ»، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ».

وفي رعيه – ﷺ – للغنم درس للشباب في طلب الكسب الحلال وإِن قَلّ دخله، وفيه بيان للذوق الرفيع والإحساس الرقيق عند رسول الله – ﷺ -، فقد كان عمه يحوطه بالعناية التامة، لكنه – ﷺ – أقبلِ على العمل والكسب بنفسه حتى لا يكون كلًا على غيره، وهذا دلالة على شهامة في الطبع، وبذل للوسع، وبر في المعاملة، وسعي لطلب الرزق.

كما أن رعي الغنم قد أتاح له الهدوء الذي تتطلبه نفسه الكريمة، والمتعة بجمال الصحراء، والتطلع إِلى مظاهر جلال الله في عظمة الخلق، ومناجاة الله تعالى في هدأة الليل وظِلال القمر، كما أتاح له لونًا من التربية النفسية على الصبر والحلم والأناة والرأفة والرحمة، والعناية بالضعيف وحفظه عن الهلكة ومواطن الخطر. وفي هذا كله دربة على سياسة الأمم والشعوب.

عمل النبي ﷺ في التجارة:

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ – ﷺ – لِأُبَايِعَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: ” نَعَمْ، أَلَمْ تَكُنْ شَرِيكًا لِي فَوَجَدْتُكَ خَيْرَ شَرِيكٍ ; لَا تُدَارِي وَلَا تُمَارِي»

زواجه ﷺ من خديجة:

لما رجع- أيْ من رحلته إلى الشام – فتزوج عقب رجوعه خديجة بنت خويلد. وهي أول امرأة تزوجها، وأول امرأة ماتت من نسائه().ولم ينكح عليها غيرها().

وأمره جبريل: «أن يقرأ عليها السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ، وَلاَ نَصَبَ “.ارهاصات نبوته ﷺ قبل البعثة:

اقتضت حكمة الله أن يجري بعض الأحداث والبشائر تهيئة لاستقبال نبوة النبي – ﷺ – فكان من ذلك أمور منها:

1 – بشارات الأنبياء السابقين به:

كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (الأعراف،: 157).

قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} (الصف، : 6.).

2 – إِخبار اليهود عن بعثته ﷺ:

فعَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ، وَكَانَ، مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، قَالَ: كَانَ لَنَا جَارٌ مِنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ ﷺ بِيَسِيرٍ، فَوَقَفَ عَلَى مَجْلِسِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، قَالَ سَلَمَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنًّا، عَلَيَّ بُرْدَةٌ، مُضْطَجِعًا فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي، فَذَكَرَ الْبَعْثَ وَالْقِيَامَةَ وَالْحِسَابَ، وَالْمِيزَانَ، وَالْجَنَّةَ، وَالنَّارَ فَقَالَ: ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ، أَصْحَابِ أَوْثَانٍ، لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَقَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ يَا فُلَانُ تَرَى هَذَا كَائِنًا؟ إِنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ، وَنَارٌ يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ، قَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوَدَّ أَنَّ لَهُ بِحَظِّهِ مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ فِي الدُّنْيَا ، يُحَمُّونَهُ ثُمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ فَيُطْبَقُ بِهِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا، قَالُوا لَهُ: وَيْحَكَ وَمَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَبِيٌّ يُبْعَثُ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ مَكَّةَ، وَالْيَمَنِ، قَالُوا: وَمَتَى تَرَاهُ؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا، فَقَالَ: إِنْ يَسْتَنْفِدْ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ، قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاللهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى ” بَعَثَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ ﷺ ، وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا “، فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا وَحَسَدًا، فَقُلْنَا: وَيْلَكَ يَا فُلَانُ أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ: لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ؟ قَالَ: بَلَى. وَلَيْسَ بِهِ ().

3- رُؤْيَةِ بَحِيرَى للنبي ﷺ :

استمرت كفالة أبي طالب لرسول الله ﷺ فلما بلغ اثنتي عشرة سنة وقيل: تسعاً خرج به أبو طالب إلى الشام في تجارة، فرآه بحيرى الراهب، وأمر عمه أن لا يقدم به إلى الشام؛ خوفاً عليه من اليهود. فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى المدينة().

 

4 – تسليم الحجر عليه بالنبوة قبل البعثة:

عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله – ﷺ – «إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ» ().

5- إخبار الكهان والجان ببعثته ﷺ:

أ- كان الجن يسترقون السمع فيأخذون الكلمة والكلمتان من الحق ثم يلقون بها إِلى أولياءهم من الأنس، وهم الكهان فيخلطونها بكهانتهم، ومن هذا ما كان من الأخبار عن بعثة النبي ﷺ واقتراب زمانها:

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ، لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ: إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ ” بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ، إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ، فَقَالَ: لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، أَوْ: لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَيَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي، قَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ، جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الفَزَعَ، فَقَالَتْ: أَلَمْ تَرَ الجِنَّ وَإِبْلاَسَهَا؟ وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا، وَلُحُوقَهَا بِالقِلاَصِ، وَأَحْلاَسِهَا، قَالَ: عُمَرُ صَدَقَ بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ، لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَوَثَبَ القَوْمُ، قُلْتُ: لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا، ثُمَّ نَادَى: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ، يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقُمْتُ، فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ: هَذَا نَبِيٌّ “().

(كاهنهم) كاهن قومه يتنبأ لهم بالأمور المستقبلة بدون دليل. (علي الرجل) أحضروه إلي وقربوه مني والرجل هو سواد بن قارب. (أعزم عليك) أقسم عليك. (جنيتك) أنثى الجن. (إبلاسها) تحيرها وقيل صيرورتها مثل إبليس حائرا. (إنكاسها) انتكاسها وهو الانقلاب على الرأس. (بالقلاص) جمع قلوص وهي الناقة الشابة. (أحلاسها) جمع حلس وهو كساء رقيق يوضع تحت ما يجلس عليه الراكب على ظهر الدابة. (صارخ) يسمع صوته ولا ترى صورته. (جليح) اسم رجل ناداه به ومعناه الوقح الكاشف بالعداوة. (نجيح) من النجاح وهو الظفر بالحوائج. (فصيح) من الفصاحة وهي البيان وسلامة الألفاظ من الإبهام وسوء التأليف. (ما نشبنا) ما مكثنا وتعلقنا بشيء. (أن قيل) إذ ظهر القول بين الناس بخروج النبي ﷺ .

 

حادثة شق الصدر:

هذه الحادثة وقعت له ﷺ مرتين فقط على الصحيح:

الأولى: وهو صغير عند ظئره في بني سعد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ ﷺ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ ﷺ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ – يَعْنِي ظِئْرَهُ – فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ “، قَالَ أَنَسٌ: «وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ» ().

والثانية: في ليلة الإسراء والمعراج كما في رواية أنس عن أبي ذر وعَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ” بَيْنَا أَنَا عِنْدَ البَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ، وَاليَقْظَانِ – وَذَكَرَ: يَعْنِي رَجُلًا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ -، فَأُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ، مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، فَشُقَّ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ البَطْنِ، ثُمَّ غُسِلَ البَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ حِكْمَةً وَإِيمَانًا، وَأُتِيتُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ، دُونَ البَغْلِ وَفَوْقَ الحِمَارِ: البُرَاقُ، فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ حَتَّى أَتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا..الحديث.

و الرؤيا الصادقة من ارهاصات نبوته صلى الله عليه وسلم.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ ().فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْح ()(). ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال لخديجة: ” إِنِّي أَرَى ضَوْءًا، وَأَسْمَعُ صَوْتًا، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَكُونَ بِي جَنَنٌ ”

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.