كتب/هاني حسبو.
خلق الله الخلق وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة وجعل البشر يتقلبون في هذه النعم ليل نهار.
ومن أعظم النعم التي يمتن الله بها على المجتمع والأفراد “نعمة الأمن” تلك النعمة العظمى التي لا يعرف قدرها الا من فقدها.
أخبرنا الله عز وجل في كتابه أن الأمن نعمة عظيمة امتن بها على قريش فقال سبحانه:
“لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)} [قريش]
وقال سبحانه وتعالى:
“فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾.
وقال عز وجل:
“وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون ”
وامتن الله على أهل الحرم بهذه النعمة فقال:
“أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون”
ويؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحقيقة وهي أن الأمن نعمة فيما ثبت عنه أنه قال:
“مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)
وكما أخبرنا الله عز وجل أن النعم تدوم بالشكر حين قال:
“وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد”.
فإن من شكر نعمة الأمن البحث عن أسباب دوامه ومنها:
الإيمان وهو أعظم أسباب الأمن وفي هذا يقول الله عز وجل:
“الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ”.
لم يلبسوا إيمانهم بظلم أي بشرك كما فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة لما نزلت هذه الآية وشق عليهم ذلك وقالوا :أينا لم يظلم نفسه فقال لهم :ليس كما تظنون ألم تسمعوا لقول العبد الصالح لقمان لابنه “إن الشرك لظلم عظيم”.
فصحح لهم المفاهيم أن الذي يحافظ على إيمانه من الشرك هو الذي يتمتع بالأمن ….لهم الأمن المطلق في الدنيا ….وهم مهتدون في الآخرة.
ومن أسباب الأمن ذكر الله عز وجل حيث يقول الله تعالى:
“الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّه أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”
ومن أنواع الذكر الجالب للأمن قوله تعالى:
ٱلَّذِینَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُوا۟ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِیمَـٰنࣰا وَقَالُوا۟ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِیلُ ١٧٣ فَٱنقَلَبُوا۟ بِنِعۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلࣲ لَّمۡ یَمۡسَسۡهُمۡ سُوۤءࣱ وَٱتَّبَعُوا۟ رِضۡوَ ٰنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِیمٍ ١٧٤ إِنَّمَا ذَ ٰلِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ ١٧٥﴾ [آل عمران ١٧٣-١٧٥]
فقد ورد في حديث رواه ابن السني مرفوعاً وأبو داود موقوفاً بلفظ: من قال حين يصبح وحين يمسي: حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم… سبع مرات كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة.
ومن أسباب حصول الأمن أيضا : الاستغفار.
قال الله عز وجل:
“وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ”
ومن أسباب حصول الأمن :الصحبة الصالحة قال الله تعالى:
” الا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ’
ومن أسباب الأمن الدعاء وهو من اعظم الأسلحة الجالبة للأمن حيث علمنا النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء بالأمن صباح مساء….
عن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الكلمات إذا أصبح وَإذا أَمْسَى: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَآمِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ مِنْ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تحتي)).رواه البخاري.
هذه بعض الأسباب التي يتحصل بها الأمن في المجتمع لعل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان.