الصراط المستقيم

خطبة حجة الوداع منهج حياة ( 4 ) .. الإعتصام بكتاب الله

كتب : هاني حسبو

مازلنا نسير فى طريق الميثاق النبوى العالمى الحقوقى الذى وضع أسسه وأعلنه خاتم المرسلين وسيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المعروف بخطبة الوداع،وكيف أنها كانت ولا زالت بمثابة دستور إلهى يسير عليه الفرد والمجتمع.هذا هولقاؤنا الرابع مع هذه الخطبة العصماء وقد تحدثنا قبل ذلك عن حرمة الدماء والأنفس ثم التحقير من أمر الجاهلية ثم حفظ حقوق المرأة.

اليوم نحن على موعد مع درس جديد ووقفة جديدة مع هذا الدستور العظيم وهو الإعتصام بالكتاب  الذى أكده عليه الصلاة والسلام بقوله:”وإنى قد تركت فيكم مالن تضلوا بعده أبدا إن اعتصمتم به:كتاب الله .”

فبين النبى صلى الله عليه وسلم أن اعتصامنا بالكتاب  فيه النجاة من كل شر ومن كل سوء فإذا أراد المسلمون الثبات على الهداية فعليهم أن يتمسكوا بالكتاب والسنة قال الله تعالى:

“الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.”

إنه القرآن كتاب هذه الأمة الحى ،ورائدها الناصح ،ومدرستها الأصيلة ،إنه”قرآن حكيم”،وإنه”على حكيم”.القرآن هو المدرسة التربوية التى تربى فيها الصحابة تربية راشدة ،تربية جعلتهم يسودون البشرية جمعاء ،يحكمون الدنيا بمشارقها ومغاربها به.هذه هى الوظيفة الأساسية للقرآن ،الوظيفة التربوية التى تنمى الفرد وتزكى روحه وتجعله بالفعل مواطنا صالحا يخدم نفسه ودينه ووطنه.

يخطىء كثير من الناس فى التعامل مع القرآن فيتعاملون معه على أنه كتاب يتحصل منه على ثواب وحسنات فقط وهو كذلك فقراءة القرآن لها ثواب عظيم عند الله كما ثبت ذلك عند الترمذى من حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن النبى عليه الصلاة والسلام قال:

“من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف.”

لكن مانزل القرآن للقراءة فقط بل للتدبر كما قال الله تعالى:

“كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب.”

إن هذا القرآن يجب أن يتعامل معه على انه توجيهات حية،تتنزل اليوم،لتعالج مسائل اليوم ،ولتنير الطريق إلى المستقبل ،لا على كونه كلام جميل يرتل .إذا تعاملنا مع القرآن بهذه الصورة الواضحة سنجد توجيهاته وعباراته حية تنبض وتتحرك وتشير إلى معالم الطريق المنشود.

هكذا ينبغى أن يكون التعامل مع كتاب الله عزوجل بالنسبة للفرد المسلم والمجتمع المسلم.

وللوصول إلى هذه المنزلة فى التعامل مع القرآن يجب أولا أن نتعلم الغرض الأساسي للقرآنالذى يتلخص فى:

أولا:هداية الناس إلى الخير العميم فى الدنيا والآخرة.

ثانيا: تكوين الشخصية الإسلامية المتوازنة المتكاملة وذلك بتربية الفرد المسلم تربية متوازنة ومتكاملة أو بمعنى آخر يجعله الصورة الواقعية لمبادئه ونصوصه.

ثالثا:إقامة مجتمع إسلامى بمناهج وقيم إسلامية فريدة وبناء أمة اسلامية فريدة متميزة ومن ثم إنشاء جيل قرآنى فريد.

هذه الأغراض الثلاثة نجح القرآن فى صياغتها صياغة كاملة فى جيل الصحابة رضى الله عنهم .فعندما أقبلوا على القرآن بهذا الفهم العميق أثر فيهم القرآن تأثيرا بالغا فجعلهم جيل قرآنى فريد.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.