✍️ بقلم: د. هيام الإبس
في خطوة استراتيجية تعكس تحولًا محوريًا في مسار الأزمة السودانية، أعلنت الحكومة عن خطة متكاملة لإعادة تمركز الجهاز الإداري للدولة من بورتسودان إلى الخرطوم، العاصمة الأم، بعد ما يقرب من عامين من اعتماد المدينة الساحلية عاصمةً إدارية مؤقتة منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023.
عودة تدريجية على مراحل خلال ستة أشهر
وفق مصادر حكومية مطّلعة، فإن خطة الانتقال ستُنفذ على مراحل تمتد لستة أشهر، بهدف استكمال العودة بنهاية العام الجاري. وتشمل التحضيرات عمليات لوجستية وتنظيمية واسعة، لضمان انتقال سلس للمقرات الحكومية، وتجهيز البنية التحتية اللازمة لاستئناف العمل بكفاءة.
شرق الخرطوم بدلًا من المواقع المتضررة
أشارت المعلومات إلى أن الوزارات الاتحادية لن تعود إلى مقارها القديمة التي دمرتها المعارك وسط العاصمة، بل ستنتقل إلى مناطق أكثر أمانًا شرق الخرطوم مثل المنشية، الرياض، الطائف، أركويت، وسوبا. هذه الأحياء بقيت نسبيًا خارج خطوط النار، ولم تتأثر إلا جزئيًا بأعمال النهب.
كما تخطط الحكومة لإعادة تأهيل مطار الخرطوم الدولي، بدءًا بصالة الحج والعمرة التي ظلت سليمة نسبيًا، مع إصلاح المدرج الجوي وبرج المراقبة، بينما يُتوقع أن يستغرق بناء صالات السفر المدمرة وقتًا أطول.
وزارة الداخلية تقود أولى خطوات العودة
في أول تطبيق عملي للخطة، أعلنت وزارة الداخلية السودانية عن انتقال إداراتها الرئيسية إلى الخرطوم الأسبوع المقبل، من بينها الجوازات، السجل المدني، المرور، المباحث الجنائية، وهيئة تأمين المرافق العامة.
مشاريع بنية تحتية كبرى تواكب العودة
بالتوازي، تستعد شركات محلية وعربية لتنفيذ مشاريع إعادة تأهيل كبرى للبنية التحتية في شرق الخرطوم، تشمل شبكات الكهرباء والمياه والطرق، استعدادًا لاستقبال آلاف الموظفين العائدين، وتهيئة المدينة لعودة تدريجية للحياة الطبيعية.
تحذيرات بيئية وتخطيط حضري جديد
وحذر الخبير البيئي د. التجاني الأصم من خطورة إعادة استخدام وسط العاصمة بسبب التلوث العالي ودمار المعامل الحيوية، مطالبًا بمعالجات بيئية متخصصة.
كما يُتوقع أن تشهد الخرطوم مخططًا حضريًا جديدًا يتماشى مع الواقع الميداني بعد الحرب، وقد يؤدي إلى انتقال مركز الحكم إلى أطراف العاصمة الشرقية والجنوبية مستقبلًا.
أزمة إنسانية متفاقمة: 30 مليون سوداني بحاجة للمساعدة
في سياق متصل، حذّرت وكالات الأمم المتحدة من أن السودان يواجه إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث بات أكثر من 30 مليون شخص بحاجة عاجلة للمساعدات، ويعاني 25 مليونًا من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأكد ممثل مكتب الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة أن العنف المسلح بلغ مستويات مروعة، مع مقتل 84 من العاملين الإنسانيين، وارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، خاصة النساء والفتيات، من ضمنها الاغتصاب والاستغلال والاختطاف لأغراض جنسية.
أكبر أزمة نزوح في العالم
أشار التقرير الأممي إلى أن الصراع تسبب في نزوح أكثر من 12 مليون شخص، مما يجعل السودان يشهد أكبر أزمة نزوح على مستوى العالم، وسط انهيار النظام الصحي وشحّ الغذاء وغياب الحماية.
الأمم المتحدة: لا أمل إلا بوقف الحرب
دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى تحرك دولي عاجل، واعتبر أن استمرار الحرب هو نتيجة “لفشل الإرادة السياسية”. كما طالب المجتمع الدولي بـوقف الهجمات على المدنيين والمنشآت، ودعم المنظمات المحلية، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.