بقلم / الدكتور محمد النجار
كم كانت قوة بوتين العسكرية والمخابراتية عندما كانت تشن طائراته المقاتلة الغارات على الشعب السوري ، وتُلقى أطنان من البارود الحارق للبشر والشجر والحجر على الشعب الأعزل. فقتلت مئات الألوف من الأطفال والنساء والرجال المدنيين ، و هدمت آلاف البيوت على رؤوس أصحابها ، وشردت ملايين من السوريين في بقاع العالم وجعلتهم يخوضون البحر فيغرق الأطفال والنساء والرجال بحثاً عن ملجأ من تلك النار التي يعيشون فيها داخل بلادهم . وكان بوتين يدخل سوريا مختالاً متغطرساً بين جنوده ، ومحتقراً للجنود السوريين وللشعب السوري المسلم بشكل عام .
لم يكن السوريين سوى رفع أياديهم للسماء
ولم يجد الشعب السوري نصيراً من القوى الدولية التي أغرقتنا بشعارات حقوق الإنسان البراقة. لم يكن لدهم سوى بث شكواهم الى الله ورفع أياديهم الى السماء. وما أقسى الشعور بأن الظالم أقوى قوة في العالم ولا يقدر عليه أحد.
إلا أن السماء فتحت أبوابها لهذا الشعب الأعزل الذي يأن ويصرخ ، وحملت الملائكة دعواتهم الى الله ، بل استقبلتها ملائكة السماء محفوفة باستجابة حديث النبي القدسي الذي يرويه عن الله :
(وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
والأية الكريمة (وخاب كل جبار عنيد) ابراهيم15
بوتين يُنشأ مليشيات فاغنر ولا يعترف بها
لقد أنشأ بوتين مليشيات فاغنر عام 2014م ، خصيصا للإستعانة بها في قمع الشعوب ، وإذلال الدول ، والإستيلاء على خيرات وموارد الدول الإفريقية مثل ليبيا والسودان ومالي وغيرها.
قائد فاغنر طباخ بوتين وتضم السجناء والمعاشات والبلطجية
لم يختر بوتين قائدا لمليشيات فاغنر من الجيش الروسي ، بل إختار رجلاً كان يعمل “طباخا” له ” يفجيني بريغوجين “.
واشتد عود تلك المليشيات حتى وصل تعدادها الى خمسين الف جندي معظمهم من السجناء والمحالين على المعاش وربما من البلطجية ، وكان لايعترف “رسميا” انهم في الجيش الروسي رسميا حتى يكذب على البشرية في نزاعات تلك المليشيات ويدعى أنها مليشيات لا تتبع الجيش الروسي ولا سيطرة عليها .
مليشيات فاغنر تحقق النصر في “باخموت-أوكرانيا”
لم تستطع القوات الروسية التي اقتحمت أوكرانيا والتي وصل تعدادها الى مئات الألاف ، لم تستطع تحقيق أي نصر ، بل ظلت قرابة عشرة أشهر وهي تخسر آلاف الجنود والمعدات ، ولم تتمكن من التقدم داخل أوكرانيا .
وكان أول نصر لروسيا لم يتحقق بالقوات الروسية بل تحقق عندما تدخلت قوات فاغنر التي استطاعت تحقيق أول انتصار لروسيا في اوكرانيا في منطقة “باخموت”.
وجاءت بشائر الإنتقام الإلهي من بوتين
إن أقسى أنواع الانتقام عندما يأتي الغدر من الأشخاص الذين صنعهم الجبابرة ليتجبروا بهم على العباد ، ثم تأتي الطعنة القاتلة من خنجرهم ..
وجاءت بشائر الإنتقام الإلهي من بوتين وذلك في اللحظة التي كان فيها الجيش الروسي متورطا في حرب أوكرانيا التي دخلها بوتين ظنا منه أنه سينتصر فيها بعد أسبوع لكنها استمرت ودخلت السنة الثانية التي عجزت فيها روسيا بجيشها الجرار وأسلحتها المتطورة عن تحقيق أي نصر، بل لاحقتها الهزائم والخسائر في كل مكان .
انقلاب فاغنر واستيلاءها على كل المناطق في طريقها لاحتلال موسكو
وجاءت الطعنة القاتلة للرئيس المتغطرس بوتين من حيث اطمأن ، فمن حيث اطمأن بوتين الى أول نصر حققته روسيا بواسطة مليشيات فاغنر ، فقد فرح بهذا النصر الذي ظن أنه سيقوده إلى انتصارات أخرى في أوكرانيا ، ولكن الله كان له بالمرصاد ، فقد انقلب قائد قوات فاغنر وبكل جنود مليشياته على النظام يوم السبت24-06-2023م في الأيام العشر من ذي الحجة1444هـ ، و فوجئت موسكو والقوات العسكرية الروسية باحتلال قوات فاغنر لمدينة “روستوف” الجنوبية بكل ملحقاتها العسكرية، بما في ذلك قيادة المنطقة الجنوبية، والمطار، وأنها في طريقها لاحتلال موسكو.
صفعة على وجه بوتين الطاغية
وانقلب السحر على الساحر حيث انقلبت هذه المليشيات القوية على نظام وجيش بوتين ، ولم يستطع بوتين القبض على تلك المليشيات المسلحة والمدربة تدريبا يفوق تدريب وجاهزية الروس.
وبانسحاب قوات فاغنر من الحدود مع أوكرانيا ، استطاعت أوكرانيا تحقيق انتصارات جديدة ، وستتوالى هزائم الجيش الروسي في أوكرانيا .
عجز بوتين عن اعتقال قائد قوات فاغنر
ولم يستطع بوتين الطاغية إعتقال قائد قوات فاغنر” يفجيني بريغوجين ” الذي استقبله رئيس دولة بيلا روسيا بعد التفاوض مع بوتين المهزوم الذي اضطر لإصدار قانون بالعفو عن “طباخه” وعن كل جنود تلك المليشيات التي رفضت الإنضمام الى الجيش الروسي .
فقدان بوتين هيبته داخليا وعالميا
وهكذا ضاعت هيبة القائد “بوتين” الذي ظل اكثر من عشرين سنة مهيمنا على حكم روسيا ، وصانعا لتاريخ قائد عظيم ، إلا أن هيبته قد ضاعت ، وصورته قد اهتزت أمام قائد مليشيات كان يعمل سابقا طباخا لهذا الرئيس المأزوم .
وهكذا لم تضع دعوات المظلومين في السماء
ليت كل إنسان جبار متجبر متغطرس يدرك بأن الله يسمع و يرى ، وأنه سبحانه يمهل ولا يهمل ، وأنه مهما طال به الزمن سوف يُختم له بختام أسود .
فإن بوتين قبل الإنقلاب عليه من مليشياته التي صنعها “فاغنر” ، غير بوتين بعد الإنقلاب.
فإن لكل ظالم نهاية ، وأن جنود الله لا يعلمها إلا هو سبحانه .
اللهم أرزقنا الصواب في الفكر والقول والعمل
وارزقنا الصحبة الطيبة التي تؤازرنا في الخيرات، وتبصرنا عند الأخطاء والزلات.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
د.محمد النجار 1-7-2023م الجمعة14ذي الحجة1444هـ