Site icon وضوح الاخبارى

دع عنك عقدة الكمال وانطلق..بقلم : الدكتورة وفاءالشيخي

دع عنك عقدة الكمال وانطلق..بقلم : الدكتورة وفاءالشيخي 1
صورة تعبيرية من الارشيف

  كثير منا يعرف قصة ذلك الصبي الذي جُلب إلى مصر ليُباع في سوق النخاسة والتقى بصبي آخر ، ودار بينهما حوار عن أحلامهما المستقبلية، كان الأول يتمنى أن يباع إلى طباخ ليأكل كل ما تشتهي نفسه، وأما الثاني فكان يتمنى أن يكون حاكما وملكا لتلك البلاد.

حقق ذلك الصبي حلمه وأصبح رغم صعوبة ظروفه وقسوتها ،حاكماً للدولة الإخشيدية التي حكمت مصر العظيمة، إنه” كافور الإخشيدي ” الملقب بأبي المسك، الحاكم العادل الذي استطاع أن يحقق ما ظنه الكثيرون انه مستحيلاً.

مخطئ من يظن أن طريق النجاح مستحيلا او صعبا ، فأغلب رواد النجاح سلكوا طريق واضحا وقاموا بتحديد أهداف واقعية وطموحة، وخططوا لتحقيقها، واستمروا في الإيمان بأنفسهم وقدراتهم حتى تمكنوا من بلوغ غاياتهم وتطوير ذواتهم. هكذا اخبرتنا كتب التاريخ عن كافور الذي صنع مستقبله بنفسه وحقق حلمه بحكمة ونفاذ بصيرة، ومهارة في استغلال الفرص ، وتحويل مواطن الضعف الى قوة وتعزيزها بما اكتسبه من خبرة ومعرفة ليبلغ اعلى مراتب المجد والملك ، أما صاحبه الذي أراد أن يعيش في كنف الطباخ، فلم يذكره التاريخ إلا بذلك الموقف .. فأغلب الناس لديها الرغبة في النجاح والتطور ولكن لا تعرف كيف تمارس هذا النجاح ولاكيفية تحقيق هذا التطور ، وغالبا ما يصيبهم الاحباط والفتور بعد محاولات عديدة دون الوصول للنتيجة المرجوة، ذلك لأنها وجدت في أذهانهم فرضية “الكمال من اول مرة” .

اذكر انني في إحدى الدورات التدريبية سألت المشاركين : ( من يستطيع ان يأكل عجل حنيذ بمفرده ؟؟”) فنظروا الي باستغراب ودهشة الا قليل منهم !! فرغم انني لم اذكر الوقت او الكمية ،الا انه تبادر الى أذهانهم التهام الحنيذ دفعة واحدة ولم يخطر ببالهم تقطيع الحنيذ وتناوله على فترات زمنية متباعدة ، ولهذا غالبا ما توقفنا عقدة الكمال والانتهاء من إنجاز المشاريع العظيمة والكبيرة .

لا شك ان تطوير الذات مطلب انساني يحقق السعادة، والتميز ،والثقة بالنفس ، ولكن هل تعلمنا أسهل الطرق واسرعها لذلك ؟؟ فعلى الرغم من وجود هذا الكم الهائل من دورات ومحاضرات وكتب التنمية البشرية في مجال تطوير وتنمية الذات ، الا ان الاستفادة منها يكاد لايتجاوز ال 20% وربما اقل !!. واغلب الناس لا يستطيعون اتمام ما يطمحون اليه من غايات واهداف ، ومع تكرار المحاولات غير الناجحة ، يتملكهم الاحباط وتسمع تلك الجملة الشهيرة «رحم الله امرأً عرف قدر نفسه» . يجب علينا ان نؤمن بقدراتنا ونقدر ذواتنا ولا نجعل كلمة مستحيل تعشعش في قواميسنا..

نصيحتي لكم ان لا ترهقوا انفسكم بالتفكير الدائم بالنجاح ولكن بخلق عادات للنجاح. فلاتفكر بإتقان اللغة الانجليزية أو الايطالية أو الروسية او اي لغة اخرى ، بل بحفظ خمس كلمات يومية من اي لغة ترغب في تعلمها ، فكم نقضي من اوقات داخل سيارتنا وسط الازدحام لنصل إلى أعمالنا او الى بيوتنا ،او امام اجهزتنا ؟ “خصصها لحفظ كلمات جديدة” كل يوم .. تذكرت قصة تلك الجدة المعلمة المتقاعدة التي كانت تكلم حفيدتها ذات الثلاث سنوات في انجلترا عن طريق سكايبي ، فيطلب منها والدها أن تغني لجدتها بالانجليزي فترد الطفلة ببراءة ، ولكن جدتي لا تعرف الانجليزية ولن تفهمني .. اسرتها الجدة في نفسها وعاهدت نفسها أن تتعلم اللغة الانجليزية عن طريق النت وخصصت ساعة يومية لهذا الهدف .. بعد ثلاثة اشهر كانت الجدة تتحدث اللغة بمهارة وفجاءت الجميع.

قم بمراجعة وتدبر نصف صفحة من المصحف الشريف يوميا بعد كل صلاة او في تلك الاوقات الضائعة في السيارة . لاتشغل نفسك في الحصول على جسم رشيق بل خصص عشر دقائق يومية للمشي. ولا تفكر بعمل ريجيم قاسي او خسارة عشرات الكيلوات خلال فترة قصيرة ، بل اخلق عادات غذائية صحية دائمة.. خصص نصف ساعة في اليوم لقراءة موضوع في مجال تخصصك . استمع الى محاضرات متنوعة تستفيد منها في ثقافتك العامة أسبوعيا . وسع دائرة معارفك ، تعرف على خبراء في مجالك ، أشخاص ناجحين ومميزين في مجال الأعمال والمعرفة والعلم ، تعرف على ثقافات جديدة ، احرص على تنمية هواياتك واستمتع بها . فالنجاح لا يتعلق بالكمية بقدر ما يتعلق بالاستمرارية، ولا يتعلق بالمجهود الضخم والهدف النهائي بقدر ما يتعلق بخلق عادة يومية سهلة مستمرة..( قليل دائم خيرا من كثيرا منقطع ) .

كم من سنوات مضت كلمح البصر لم ننجز فيها شئ يذكر ؟؟ّ وكم كانت لدينا أحلام كبيرة لم نحقق منها الا اليسير وربما لم نحقق منها شئ؟ّ. اخلق لنفسك عادات يومية للنجاح و ستفاجأ بعد اعوام قليلة أنك حققت احلامك ، بل ربما تجاوزتها بمراحل عديدة الأمر الذي سيفاجئك أنت شخصيا .. ما اقوله ليس ضربا من الخيال، جرب بنفسك مع بداية العام الجديد فرصة جديدة لتحقيق الاحلام والغايات وتعويض ما فات ، فقط دع عنك عقدة الكمال وانطلق .

دع عنك عقدة الكمال وانطلق..بقلم : الدكتورة وفاءالشيخي 2
د. وفاء الشيخي
Exit mobile version