دموع المصارع الونش أثناء تتويجه ببطولة صربيا تؤكد وطنيته
بقلم / ممدوح الشنهوري *
ما بين مؤيد ومعارض علي مواقع التواصل الاجتماعي لفكرة هروب أبطال الرياضة المصرية في الأونة الأخيرة الي كثير من دول أوروبا، من أجل تحقيق أحلامهم وطموحهم المهمشة داخل الوطن .
تكمن الكثير من المعاني الإنسانية في قلوب هؤلاء المصريين ونفوسهم ، الذين فضلو البحث عن ذاتهم الشخصية، برحليهم أو هروبهم عن بلادهم وأوطانهم كرهاً أو مجبرين علي ذلك ، ولكن بنوع من الألم القاتل و الصامت في نفوسهم، والذي لن يشعر به أحد ما غيرهم ، مهما قل أو كثٌر الحديث عنه.
لأسباب عده منها الشخصية والرياضية في حياة كٌل منهم، ولكن تظل دموع البعض منهم، حين تسيل بحرقة، عن جَني ثمار تعبهم ومجهوادتهم الشخصية، دول أخري تَبنت أحلامهم وطموحهم الشخصية بالوصول الي القمة.
ولكن عن طريق رفع أعلام دولهم، هي أصدق دليل علي وطنيتهم وحبهم لبلادهم، وليشعرنا ذلك وقتها بأن ليس كل هارب عن وطنه من اجل بحثه عن ذاته، هو ناكر لجميل وفضل بلاده عليه.
ولكن قد تكون ظروفة القهرية هي من أجبرته علي ذلك في الإختيار ما بين موت طموحة وآماله الشخصية، او تحقيقها برفع علم دولة أخري تتبناه.
كما حدث من هروب، للبطل والمصارع المصري ” ابراهيم غانم الشهير ” بالونش ” عام 2017. ليتجنس ويلعب بعدها باسم فرنسا. حيث كان يشارك اللاعب مع مصر في بطولة العالم للشباب تحت 23 عاما في بولندا، وفي أثناء عودتهم الي مصر توقفت رحلة بعثتهم توقف ” ترانزيت ” في مطار فرنسا، ليغادر اللاعب المطار بعدها دون علم رئاسة البعثة ، مما إضطرهم الي العودة الي مصر من دونة، ليجنس اللاعب لاحقاً بالجنسية الفرنسية ويلعب باسم فرنسا.
ولعب في العديد من البطولات الدولية لصالح فرنسا، ومنها تحقيق المركز الخامس في بطولة العالم وحصولة علي الميدالية البرونزية في بطولة ” زغرب ” بكرواتيا وتتويجة ببطولة أوروبا أيضا . بعد ان غابت عن فرنسا منذ 1997 بخلاف العديد من البطولات الاخري .
لينجح في النهاية في دخول فرنسا التاريخ، بحصولة علي الميدالية الذهبية لفرنسا في المصارعة الرومانية لوزن 72 كيلوغراما، خلال بطولة العالم الحالي المقامة في صربيا لعام 2023، ليصبح بعدها رابع فرنسي يصل إلى قمة المصارعة الرومانية.
ولكن ما لفت الإنتباه الي مأساته النفسية أثناء التتويج ، والتي قد لا يعلم عنها الكثير ممن حَكم عليه ” بالخيانة الوطنية” بعد هروبه وتجنيسة واللعب لصالح فرنسا، هو بكائه بحرقة أثناء تتويجة بذهبية بطولة العالم للمصارعة الرومانية والتي أقيمت في صربيا، ومحاولتة إخفاء دموعه بيديه، وعلم فرنسا مرفوع علي أكتافه، وكأنه لو كان يتمني بينه وبين نفسه، أن يكون ذلك العلم المرفوع حول أكتافه هو علم مصر، وليس علم فرنسا.
المصريون عظماء وشرفاء ووطنيون مثلهم مثل غيرهم من مواطني الدول الأخري المحيين لبلدهم ، وهذا ما أثبته التاريخ علي مر العصور في كل المِحن التي مرت بها مصر منذ فجر التاريخ. ولكن نحن من أهملناهم وأهملنا طموحهم الشخصية في الوصول الي ذاتهم وأحلامهم، ونحن من إضطررناهم ان يلجأوا الي أحضان دول أخري، قدرت أحلامهم وطموحهم وذاتهم أكثر منا !! .
لهذا قبل أن نلومهوم يجب أن نلوم أنفسنا، ونغير من أفكارنا القديمة تجاه الشباب في عصر ذلك العالم المفتوح والمباح للجميع ، ونعلم أن الحضارات تٌبتي علي الإهتمام بالإنسان ورعايته وليس علي تركه مشوش الفكر ما بين الإختيارات والإحتمالات في شيء يخص مستقبله ، وهذا ليس في مجال الرياضة فحسب، ولكن في كل مجالات الحياة ، إن أردنا رقي وعلو في الحياة ، ك دول الغرب .
*عضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان