د. ريحان خبير الآثار يجيب على اسئلة غامضة بشأن خروج بنو إسرائيل وفرعون موسى
كتب / محمد فتحي
يقول خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء ، أنه في إطار استكمال حلقات “التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى” منذ دخول يوسف الصديق وأهله آمنين إلى مصر ومسار نبى الله موسى بسيناء حتى الوصول إلى أعتاب المدينة المقدسة والذى نعرضها فى 25 حلقة ، نستكمل الحلقة الخامسة عشر بعنوان “هل سمح ملك مصر بخروج بنى إسرائيل وأين غرق فرعون؟ ” وقد استعرضنا فى 14 حلقة سابقة دخول يوسف الصديق وأهله إلى مصر ومكان إقامة بنى إسرائيل في مصر ومناقشة موقع ولادة نبى الله موسى وتربيته في بلاط أحد ملوك مصر وموقع بئر موسى في مدين حيث قابل الفتاتين وتزوج وعاش لمدة عشر سنوات والتجلى الأول عند شجرة العليقة الملتهبة وجبل موسى كقيمة روحية استثنائية بالوادى المقدس طوى والشروط الواجب توافرها في فرعون موسى وحقيقة فرعون موسى وهل تصدق أن حتشبسوت فرعون الخروج؟ . وإثبات بطلان الإدّعاء بأن إخناتون هو نبى الله موسى دينيًا وأثريًا وتاريخيًا. ومناشة فرضية رمسيس الثانى فرعونًا لموسى والكشف عن موقعين باسم وادى الراحة بسيناء، وهل كان مرنبتاح ابن رمسيس الثانى فرعونًا لموسى؟ وهل كان فرعون موسى ملكًا أم شخصًا بهذا الاسم؟” “وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ” سورة الشعراء آية 52 – 53 .
الخروج الثانى
وأضاف ” ريحان ” أن بنو إسرائيل انطلقوا فى الخروج الثانى مع نبى الله موسى، وقد كان الخروج الأول لنبى الله موسى منفردًا ولم يكن له مقصد معين، أمّا خروجه مع بنى إسرائيل فقد كان محدد المقصد وهى الأرض المقدسة، وقد تعرّف نبى الله موسى على الطريق عبر سيناء، فهل انطلاقهم كان بناءً على موافقة ملك مصر؟
وأشار خبير الآثار ، لم يشر القرآن الكريم إلى ذلك، بينما ذكر فى التوراة أن الخروج كان بناءً على سماح فرعون لهم بالانطلاق ليخلص من ضروب العذاب التى حاقت بهم، فقد استدعى فرعون موسى وهارون وقال لهما ( قوموا أخرجوا من بين شعبى واذهبوا واعبدوا الرب كما تكلمتم خذوا غنمكم أيضًا وبقركم كما تكلمتم واذهبوا وباركونى أيضًا) ع 31 :32، وكان المصريون يلحون عليهم فى الخروج، ولقد طلب بنو إسرائيل من المصريين ذهبًا وفضة وثيابًا فأعطوهم، ثم عاد فندم لخروجهم دون إذن منه، ولعله قد بلغه ما فعلنه نساء بنى إسرائيل من استعارة الحلى من المصريات وعدم ردهن لهن، وانطلق وراءهم بجنوده حتى ساحل البحر الأحمر وحدثت معجزة شق البحر على مرأى من بنى إسرائيل بنص الآية الكريمة “وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ” سورة البقرة آية 50، وكان رحيل بنى إسرائيل من مصر بقيادة نبى الله موسى فى ليلة الخامس عشر من شهر نيسان (أبريل) عام 1468ق.م. وقد قضوا فى مصر 430 عامًا كما ذكر فى التوراة فى أكثر من موضع فى سفر الخروج إصحاح 12- 40 (وإمّا إقامة بنى إسرائيل التى أقاموها فى مصر فكانت أربع مائة وثلاثين عامًا فى ذلك اليوم عينه أن أجناد الرب خرجت من أرض مصر) .
موقع غرق فرعون
وقال ” ريحان ” تعتبر أقرب نقطة مرئية فى خليج السويس هى موقع نقطة الشط حاليًا ومنها يتمكن بنو إسرائيل من رؤية معجزة غرق فرعون وجيشه على مرمى البصر طبقًا لما جاء فى القرآن الكريم “وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ”، وذكر فى التوراة ” أدار الله الشعب فى طريق برية سوف وصعد بنو إسرائيل متجهزين من مصر من أرض رع مسيس فارتحلوا منها إلى سكوت ثم ارتحلوا من سكوت ونزلوا فى إيتام ” خروج 13: 14
وتابع ريحان بأن ” بر رع مسيس ” هى المدينة التى اكتشفها العالم المصرى محمود حمزة عام 1928 والذى بناها رمسيس الثانى لتكون عاصمة لملكه فى مصر بوسط الوجه البحرى ليكون قريبًا من الحدود المصرية لتساعده على صد الأعداء، وسكوت تعنى خيمة، وعدد الذين خرجوا ستمائة ألف ماشين من الرجال عدا الأولاد طبقًا لسفر العدد 37 ، وكانت عاصمة الهكسوس فى أفاريس مكان صان الحجر وهى مدينة العنابر التى بناها الإسرائيليون للملك رع مسيس الثانى وجاء فى سفر الخروج أنهم بنوا لفرعون مدينتى مخازن “بيتوم” ورعمسيس ، ولقد آمن فرعون فى لحظات الغرق لينجو فكان جزاؤه نجاة الجثة ليتم تحنيطه بعد ذلك كسائر المومياوات وينظر إليه الجميع للعبرة ولكن لا يعرفه أحد “وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ” سورة يونس آية 90 – 91.
وقال ” ريحان ” نناقش ما ذكر عن موقع غرق فرعون حيث ذكر فى التوراة فى الإصحاح الرابع عشر من سفر الخروج ” فاوحى الله إليه أنهم ناجون وأن فرعون وجنده مغرقون وحال بين فرعون وبينهم وضرب موسى البحر فأجرى ريحًا شرقية قوية طول الليل حتى جعلت فى البحر طريقًا يابسة وسار فيها موسى وبنى إسرائيل على اليبس والماء كالسور على يمينهم وشمالهم”.
وأوضح خبير الآثار ، حاول العديد من الباحثين ربط الخروج ببركان جزيرة ثيرا وقيل أن بنى إسرائيل أفلتوا من هذا البركان بعد أن صعدوا على قمة عالية، ويرى الدكتور عبد الرحمن العايدى أن مخلفات بركان ثيرا بالقرب من جزيرة كريت قد وصلت أفاريس فى شرق الدلتا طافية فوق الماء ولكنها استغرقت سنوات طويلة فى وصولها إلى مصر .
وقال رأى الدكتور نور الدين عبد الصمد ، أن ما ذكره العايدى وفريق مدرسة مانفريد بتاك فى هذا الشأن بعيد تمامًا عن المنطق إذ لا يمكن أن تطفو لافا بركانية من جزيرة كريت التى تقع شمال غرب مصر وتتخطى البحر المتوسط، والأمر الثانى أن هذه المخلفات البركانية لا يمكن أن تصل إلى تل الضبعة فى فاقوس عبر فرع النيل البيلوزى