رئيس التحرير يكتب : خريج منزوع الدسم..!!

“التعليم يجب أن نراه في كل جوانب حياتنا، تدور به مصانعنا، وتخضَّر به مزارعنا، ويشفى به، بفضل الله، مرضانا، ونغزو به الفضاء، ونصنع به التكنولوجيا، ونغوص به في أعماق المحيطات، وننشر به رسالتنا وقيمنا في كل مكان” . بهذه الكلمات القيمة لخص الدكتور أمين رمضان أستاذ العلوم والمدرب المصري العالمي في التنمية البشرية أهمية التعليم ورسالته . وترتيبا على ذلك فان المشاكل التي يواجهها مجتمعنا سببها بالأساس رداءة المنتج التعليمي. ووصف الدكتور أمين في دراسة علمية عن التعليم في مصر الخريج بأنه ” منزوع الدسم ، لا يحب التعلم ولا يمتلك الشغف للمعرفة، ولا يثق في نفسه، ولا يفكر فيما يتعلمه، ولا يعرف الإبداع، منزوع القيم والتفكير والتأمل”. وللموضوعية هذا الوصف ينطبق على غالبية الخريجين وليس جميعهم، فهناك أقلية من الطلاب النابغين ، ولكننا للأسف نفشل في إستثمارهم ، فتخطفهم الدول الاخرى وتعظم الإستفادة بنتاج عقولهم .

وقد تحدثنا في الاسبوع الماضي على ضرورة الصناعة الجيدة للمعلمين باعتبارهم ( بناة البشر ) والعمود الفقري للعملية التعليمية . واليوم نتناول الركن الثاني وهي المناهج وأسباب عجزها عن تلبية احتياجات المجتمع . ويقول الدكتور عبد الباقي أبو زيد المتخصص في المناهج وطرق التدريس بجامعة سوهاج :”أن من أكثر الأخطاء خطورة، والتي تتصف بها كثير من مناهجنا هي: القصور في تدريس ما يجب أن نُعلمه ، وتدريس ما لا يجب أن نُعلمه ، ونظام الديكام يساعدنا بفاعلية لإزالة هذه الأخطاء بأسلوب علمي سليم “. والديكام مختصر لعبارة

Design A Curriculum أو Devoloping A Curriculum

وتعني تصميم أو تطوير المنهج ، ويهدف إلى إقامة جسور بين التعليم والعمل من خلال تحليل الوظائف للتعرف على الوظيفة ورسم المنهج المطلوب لها حتى يمكن تدريسه للطلاب أو المتدربين، وبحيث يمكن تطويره حسب حاجة السوق وتطوراته. أي تصميم خريطة واحدة وصورة واقعية مختصرة للواجبات والمهارات والمعارف والصفات والقيم الوظيفية التي يستلزم من الموظف حيازتها لتتم تأديته للوظيفة بالشكل المطلوب. وهو أسلوب لتقييم المناهج والمتدرب والمدرب، وذلك من خلال رسم مؤشرات الأداء لهذا الغرض من البداية.

أما الدكتور بوقنادل عبد اللطيف استاذ التربية بجامعة وهران فيرى أن المنهج الحديث ينطلق من الاجابة على أسئلة خمسة: لماذا نربي؟ أي تحديد نوع الفرد ونوع المجتمع ونوع النمو المرغوب فيها، بماذا نربي؟ ويتضمن محتوى التعليم ، وكيف نربي؟ أي الاستراتيجية المناسبة والكفيلة بتحقيق أهداف التعليم، من نربي؟ ما يجب مراعاته من الملاءمة النفسية للمتعلمين المتميزين بخصوصياتهم وقدراتهم ، ما نتائج التربية؟وتعني تقويم العملية التربوية في ضوء تشابك وترابط عناصرها.

ولا مانع لدى من الاستفادة بتجارب الاخرين في تطوير مناهجنا بشرط ان لا تتعارض مع هويتنا وتتواتفق مع بيئتنا وقيمنا. وأتفق مع رأي الدكتور عبد السلام مصطفى عبد السلام أستاذ المناهج وطرق تدريس العلوم بكلية التربية جامعة المنصورة أن المناهج يجب أن تنبثق من متطلبات ومقومات وخصائص المجتمع وتواجه تطورات العصر ، وتتناسب مع حاجات وميول الطلاب ، وتتوافق مع البيئات والأحوال والتطورات المختلفة.