رئيس التحرير يكتب : مضطرون أن نفرح بالعيد !!
” المصريون هم أسبق الناس إلى إقامة الأعياد العامة والمواكب، وكان المصرى حريصا على المساهمة فى تلك الأعياد ويستقبلها بمظاهر البهجة والسرور، وتميزت بما شاع فيها من ألوان الترف والمرح وما فيها من مباهج “. هذه العبارة سجلها المؤرخ هيرودوت (484ـ 425ق.م) ، وهوأشهر مؤرخ في التاريخ القديم، وجاء بالموسوعة العربية أنه استحق لقب (أبو التاريخ) بسبب الطريقة التي كتب بها تاريخه والتي تعتمد على كتابة التاريخ من الواقع المشاهد، وليس المسموع فقط. ونتيجة لأسفاره فقد جاءت كتاباته لتشمل إضافة إلى التاريخ معلومات اجتماعية وجغرافية. وجاء في كتابه الشهير ( تاريخ هيرودوت) : كان المصريون يتعطرون ويتزينون بالملابس الجديدة ثم يتوجهون إلى المعبد فى مواكب كبيرة ويشترك النساء مع الرجال ويحملن الصاجات، والرجال لا يكفون عن الغناء طوال الطريق وكذلك الرقص وتبادل الدعابات مع من يصادفونهم فى الطريق. وكانت بعض الأعياد متأصلة فى النفوس ومحترمة إلى حد كبير”.
ويحق للمصري القديم أن يفرح سواء في الاعياد الدينية أو الرسمية لانه كان يحظى برعاية الحكام وكبار المسئولين. يتضح ذلك فيما ورد في موقع ( السياحة في مصر ) من نصوص أدب التراجم الشخصية حيث كتب حاكم الإقليم أو الوزير أو كبير الكهنة : أنه أعطى الخبز للجائع، والملابس للعارى، وعبر النهر بمن لا قارب له، ولم يحرم ابنا من ميراث أبيه، أو كيف أنه ساعد أهالي الإقليم الذى كان يحكمه بتوزيع الحبوب عليهم فى وقت الشدة أو المجاعة، أو أنه حمى الضعفاء من بطش الأقوياء، ووضع اليتيم الذى لجأ إليه تحت حمايته . ويذكر آخرأنه لم يسئ إلى ابنة مواطن قط، ولم يزجر أرملة، ولم يقس على مزارع، ولم يبعد راعيا ، ولم يكن بين رعاياه بائس أو جوعان . ويقول ثالث أنه ساعد الشيوخ وكبار السن أو أنه مد يده للبائسين وضمن العيش للمعوزين .ورابع يقول أنه كان قريبا من أهل مدينته وتعاون معهم فى مشاريعهم وشاركهم مشاكلهم الاجتماعية وأفراحهم وأحزانهم .
ولأننا في أيام العيد قلت ابتعد قليلا عن الهموم والمآسي التي يعيشها المصريين ونتناولها في المقال الاسبوعي منذ سنوات طويلة ، واستعرض أشياء ولو بسيطة ربما تعيد البسمة المفقودة ، أوتعيد الآمال والثقة في قدرتنا على النهضة مجددا .
وبعد تدقيق وتمحيص تأكد لي أن صبر الشعب المصري وقدرته على مجابهة الصعاب والانتصار عليها حتى لو استمرت سنين طويلة ،هو الشئ الي يجب أن نفرح به. والغريب ان المصريين على مر التاريخ كان يسخرون حتى من الصعاب ، ويقول الدكتور نزيه سليمان الباحث فى علم المصريات : ” المصريون دائما يبتسمون ويضحكون ويطلقون عبارة السخرية والدعابة في كل وقت اثناء العمل والراحة في البيت وفي القرية والمدينة، فلا يختلف الحال كثيرا الان ، فبالفعل ورث الابن اجداده في روح الفكاهه والضحك والسخرية في اصعب اللحظات واسواء الظروف “.
وفي اليوم الاول للعيد، كنت عائدا من زيارة صديق، إبتسمت من قلبي من تصرف طفلة عمرها 9 سنوات تسخر من أخيها بأنه مبذر قائلة :” انت واد خايب بتصرف كل العيدية”. فسألتها” وانت بتعملي ايه بالعيدية ” قالت بجدية : ” اصرف خمسة جنيه بس واحوش الباقي عشان اشترى كراسات واقلام للمدرسة”، فورد على خاطرى فورا عبارة ” المصريون أهم أهم”.
وأرى أن الفرحة بالعيد ضرورة حياتية وواجب شرعي ، وأتفق مع صديقي الدكتور أمين رمضان الذي كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي يقول :
سَأَفْرَحْ…رَغْمَ أحْزانِي
وسِرْقَةْ…كُلَ أَوطَانِي
سَأَفْرَحْ…أنَّنِي مُسْلِمْ
وهَذا العيد عُنْوَانِي
فَهَذا الفَرْحُ يُحْيِيني
ويُحْيِي فِيَّ إيمانِي
فَيَهْدِي…نُورُه الحَيْرَانْ
وَتَحْرِقْ… نَارُهُ الجَانِي
سَأَفْرَحْ رَغْمَ تَشْرِيدي وتَهْديدي
فَأَرْضُ الله واسِعَة
وَرَبُ العَرْشِ… رُبَانِي
بقلم : مدبولي عتمان
Aboalaa_n@yahoo.com