رشوة الكارت الذهبي لأصحاب المخابز.. لماذا؟ بقلم : عبدالغفار مصطفي
يبدو أن وزارة التموين اعتبرت أصحاب المخابز من الملائكة وأنهم بشر فوق العادة ولا يعرفون الغش أو التدليس.. وأنهم أناس نمت ثروتهم جميعا من حلال وأنهم يتقون الله في الجودة والوزن لرغيف الخبز.. كما أنهم لا يحتاجون الي رقابة صارمة علي ممارستهم في منظومة الخبز التي ولد جيلي في رحابها.. منظومة عفا عليها الزمن وهي تمثل فشل حكومات وأنظمة متعاقبة بينما ثروة أصحاب المخابز تتضخم عاما بعد آخر وحكومة بعد أخري دون مساءلة عن أدائهم السييء في مثل هذه المنظومة الخربة التي استفزت الفقراء وتظاهروا تعبيرا عن استيائهم سواء علي مستوي الجودة والوزن والاستغلال الفاحش لظروف الناس وسط غياب الدولة عن أن تقدم رغيف خبز مغموساً بالكرامة أولا ثم بالجودة والوزن ثانيا..
لكن لماذا الدولة لا تحافظ علي كرامة مواطنيها خاصة الفقراء منهم.. تلك الفئة التي لم يبق لها سوي كرامة النفس وعفة سلوكها وسط الزحام من سوء الخلق الذي بات شيئا عاديا وكأنه الفطرة التي خلق الله الناس عليها وهذا ليس بصحيح.. فالله لا يصلح عمل المفسدين.. منذ أكثر من 35 عاما حين بدأت أعمل في الصحافة متمرنا كم حررت من الموضوعات التي تحمل النقد لمنظومة الخبز التي لاتزال بعد 35 عاما هي هي لم يتغير منها شيء ولم تقدم الدولة الرشيدة أي نجاح فيها سوي ان أصحاب المخابز تتضخم ثروتهم وبدلا من المخبز الواحد تتعدد المخابز للفرد الواحد. بل سمعت ان هناك رشاوي تدفع لمسئولين للحصول علي رخصة مخبز نظرا لما تحققه هذه المنظومة من هامش ربح يفوق الخيال.
ولأن دولتنا الرشيدة لا تعرف الكفاءة ولا تجيد فن الادارة فذهبت لدفع رشاوي لأصحاب المخابز في صورة الكارت الذهبي الذي بمقتضاه يحصل صاحب المخبز علي جملة من الأرغفة تتراوح بين 1000 و4000 رغيف تحت شعار صرفها لمن لا يحملون بطاقات أو المغتربين أو ممن لديهم بطاقات متوقفة.. وهكذا الرشوة مستمرة لأصحاب المخابز لأنهم من المواطنين الشرفاء.. الا انها اكتشفت فجأة الدولة الرشيدة أن أصحاب المخابز يستغلون هذا الكارت وصرف مقرراته خارج منظومة الخبز لصالح غير مستحقين للدعم يا فرحتي .
مسئول بالتموين كشف ان ما يتم صرفه من خلال هذه الرشوة المقننة نحو 6 ملايين رغيف يوميا بتكلفة 6.3 مليون جنيه علما بأن تكلفة انتاج الرغيف بعد تحرير سعر الصرف 60 قرشا.
النائب تامر عبدالقادر قال في بيان له بعد اجتماعه بوزير التموين ان بعض مفتشي التموين وأصحاب المخابز تمكنوا من خلال الكارت الذهبي من سرقة أكثر من 2 مليار جنيه من دعم المواطنين شهريا.. حكومتنا تقترض ومنظومة فساد تنهب ورشاوي مقننة هدايا لأصحاب المخابز لأنهم شرفاء أما الفقراء فهم فئات من الدرجة الثالثة تنهب مكتسباتهم بمساعدة حكومة غير كفء ولا تعرف الرشد طريقا لها.. حكومة لا تعرف العلم سلوكا أو منهجا ولا تتعلم من جيرانها. وتبعد الأكفاء والشرفاء عنها حتي تظل الساحة الحكومية مليئة بالشللية ومن في قلوبهم مرض وفي عقولهم خيبة.