رغم التهديد بالرسوم الجمركية… نيجيريا ترفض استقبال المهاجرين المرحلين من أمريكا

كتبت: د. هيام الإبس
في موقف دبلوماسي واضح وحازم، أعلنت نيجيريا رفضها القاطع لمحاولات الضغط الأمريكية الرامية إلى فرض استقبال مهاجرين مرحلين، بعضهم من السجناء، من الولايات المتحدة، مؤكدة أنها ليست في وضع يسمح لها بتحمّل أعباء إضافية وسط تحديات داخلية معقدة.
Table of Contents
Toggleنيجيريا ترد على خطة الترحيل الأمريكية
صرّح وزير الخارجية النيجيري، يوسف توجار، يوم الخميس 11 يوليو 2025، من البرازيل خلال مشاركته في قمة البريكس، بأن نيجيريا تتعرض لضغوط مكثفة من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقبول مهاجرين من جنسيات متعددة، تم ترحيلهم من الولايات المتحدة، بمن فيهم فنزويليون تم إطلاق سراحهم مباشرة من السجون.
وقال توجار:
“سيكون من الصعب على نيجيريا أن تقبل السجناء الفنزويليين على أراضيها. لدينا ما يكفي من المشاكل، ولدينا أكثر من 230 مليون مواطن نعاني لتوفير الخدمات الأساسية لهم.”
ضغوط أمريكية وتهديدات تجارية
كشف الوزير النيجيري أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل في اتخاذ إجراءات انتقامية، بينها فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على صادرات نيجيريا إلى الأسواق الأمريكية، في خطوة اعتبرها محللون ردًّا على مشاركة نيجيريا في قمة بريكس، ورفضها التعاون في ملف الترحيل.
وفي نفس السياق، فرضت السفارة الأمريكية في نيجيريا قيودًا جديدة على التأشيرات، من خلال تقليص مدة التأشيرة إلى دخول واحد فقط لمدة ثلاثة أشهر، بدلًا من النظام السابق الذي سمح بتأشيرة دخول متعددة لمدة خمس سنوات.
ازدواجية في الترحيل… وضغوط على الدول الإفريقية
بحسب تقارير إعلامية أمريكية، فإن إدارة ترامب تعمل على ترحيل مهاجرين إلى “دول ثالثة”، حتى لو لم يكونوا من مواطنيها، وذلك بسبب رفض دولهم الأصلية استقبالهم. ومن بين الجنسيات التي تم ترحيلها في الآونة الأخيرة: كوبا، ولاوس، والمكسيك، وميانمار، وفيتنام، وجنوب السودان – رغم أن واحدًا فقط من المرحلين كان مواطنًا جنوب سودانيًا.
وتعمل إدارة ترامب على التفاوض مع عدد من الدول الإفريقية – بينها ليبيا، أنجولا، بنين، وإسواتيني – لقبول مهاجرين ليسوا من مواطنيها، ضمن سياسة ترحيل جديدة تشمل دولًا لا تربطها صلات مباشرة بالمبعدين.
نيجيريا: لا لاستقبال مزيد من الأزمات
تُعد نيجيريا أكبر دول إفريقيا سكانًا، وتواجه أزمات إنسانية وأمنية ممتدة منذ أكثر من عقد، خصوصًا في شمال البلاد الذي يعاني من هجمات جماعات مسلحة وصراعات قبلية، فضلًا عن كوارث بيئية كالجفاف والفيضانات. وتشير التقديرات إلى أن ملايين الأشخاص نازحون داخليًا.
وأكد توجار أن هذه التحديات تجعل من غير الممكن على نيجيريا استقبال أعداد جديدة من المهاجرين، قائلًا:
“لا يمكننا استقبال المرحلين من أمريكا اللاتينية أو من أي جنسية أخرى. لدينا مسؤوليات ثقيلة تجاه مواطنينا، ولسنا مستعدين لتحمّل أعباء سياسية أو إنسانية إضافية نيابة عن العالم.”
خلفيات التأشيرة الجديدة… “رد بالمثل” أم تصعيد دبلوماسي؟
وفي رد على القيود الأمريكية الأخيرة، قالت الرئاسة النيجيرية إن سياسة التأشيرة الجديدة للولايات المتحدة قد تكون ردًّا على نظام التأشيرة الإلكترونية الذي أطلقته نيجيريا، والذي يمنح تأشيرة دخول لمدة ثلاثة أشهر للمواطنين الأمريكيين. ومع ذلك، أكدت الرئاسة أن النظام الجديد لا يلغي التأشيرة طويلة الأجل.
ورجّح وزير الخارجية أن الإجراءات الاقتصادية والدبلوماسية الأمريكية مرتبطة مباشرة برفض نيجيريا قبول المرحلين الفنزويليين، أكثر من كونها نتيجة لسياسات التأشيرة.
سياسة ترامب: ترحيل غير مسبوق… بأي ثمن
تتبنى إدارة ترامب سياسة هجومية في ملف الهجرة، تتجاوز المعايير التقليدية بإرسال المهاجرين إلى دول لم يسبق أن كانت بلدهم الأصلي. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تجاوز العراقيل التي تفرضها دول مثل فنزويلا، كوبا، أو الصين، برفضها استقبال مواطنيها المرحلين.
وتسعى واشنطن لتوقيع اتفاقيات مع دول أفريقية لتكون “محطات ترانزيت” قسرية لهؤلاء المرحلين، وهي سياسة تعتبرها نيجيريا غير أخلاقية، وتنتهك سيادتها وحقوق الإنسان.