أراء وقراءات

رفقاً بالقوارير

بقلم / هالة أبو القاسم عبد الحميد  

إن المجتمع من حولنا لا يخلو من الجنسين الذكور والإناث، ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة أن الإناث في جميع مراحل العمر بجميع المستويات، تتحمل أعباء كثيرة، سواء كانت زوجة أو أم أو أخت أو ابنة.

وبالرغم أن جميع الهيئات والمنظمات والمؤسسات تنادي بحقوق المرأة، ولكن قبل مناداة الجميع بحقوق المرأة علينا أن نعرف خصائص المرأة، فالمرأة كائن رقيق، مخلوق للسعادة والاستمتاع، ولكن وجدنا أن المرأة تتحول من هذا الكائن الرقيق إلى كائن يزاحم الحياة، ويحاول يسبق الزمن ويتحمل أعباء الحياة التي هي من أدوار الرجل، كما وجدنا أن بعض الرجال – إن لم يكن معظمهم – يضغطون على المرأة بكل قوتهم، وقد يكون ذلك من أجل المساعدة في المعيشة أو بسبب ظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فالمرأة تعمل داخل المنزل وخارجه.

ولم يدرك الرجل أن هذه المرأة قد تكون زوجة لها احتياجاتها، وأنها تريد أن تشعر بأنوثتها ورقتها وعذوبتها، وتريد أن تشعر بأن الرجل هو السند والعز الذي تريد أن تشعر به، وإذا كانت أخت فإنها تريد أن تشعر بطبطة الأخ ودلعه لها، وإذا كانت ابنة فتريد أن تشعر بسند الأب والسد المنيع الذي يصد عنها أي أذى من حولها، والأب الذي يدلعها والعز الذي تتربى فيه، لأن بعد الأب قد لا تكون سعادة للابنة، وقد لا تجد من يعوضها هذه السعادة طول عمرها.

فلا تنسى أيها الرجل قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم “رفقاً بالقوارير”، وسبب هذا الحديث، أن أنجشة رضي الله عنه كان يحدو للأبل التي كانت تحمل أمهات المؤمنين، وكان حسن الصوت، فأسرعت الأبل في السير فخاف النبي صلى الله عليه وسلم عليهن فقال له “يا أنجشة رفقاً بالقوارير”.

كما ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر وكان غلام يحدو بهن يقال له أنجشة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير”، قال أبو قلاية يعني النساء.

وفي الحديث الذي رواه البخاري “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء من الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً.

لذلك رفقاً بالنساء، لا تجعلوا النساء تترجل في هذا العالم بسبب الظروف، ولا تنتظر منها القوة التي لم تخلق لها، ولكن اعمل أيها الرجل من أجل إظهار جمالها وأنوثتها ورقتها وعذوبتها.

دلل ابنتك اجعلها تشعر بكل المشاعر الحلوة في ظلك، وفي كنف تربيتك لها، ولا تنسى أنك إذا راعيت فقد راعيت أهلك، فهذا يكون ثوابه وأجره عظيم عند الله، وأنك تدخل الجنة بسببه.

فالرجل العاقل الذكي يكون رحيمًا بزوجته فيحسن إليها ويرعاها أحسن رعاية، ويلاطفها ويمازحها، فإنها لا محالة ستحبه وتتآلف إليه وتتعاطف معه، وهذا ينعكس على حياته وأولاده.

وعلى الزوج الرعاية وحسن القول، ليس الزوج فقط أياً كان الأب أو الأخ، فالزوج والأخ والأب عندما يتعامل مع أنثاه بحسن الخلق، فإن هذا له تأثير كبير على المرأة وعلى مشاعرها وأخلاقها، وعليك بالقول الحسن، ولا داعي للقول القبيح وسوء المعاملة، وذلك “رفقا بالقوارير ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم”

والقوارير هي الزجاج: فقد شبه الرسول الكريم النساء بالزجاج، وكلنا نعلم أن الزجاج هو المعدن الوحيد الذي لا يلزم طرقه ليتشكل، ويلزم من يصنعه الرقة والهدوء والنفخ الهاديء ليتشكل بطريقة جميلة ورائعة، وكما يشاء صانعه، أما إذا عومل بالعنف والقوة، فإنه ينزع ولا يعد صالح للصنع والتشكيل، كما أن الزجاج سريع الكسر، ولذلك يلزمه معاملة خاصة، لأنه إذا انكسر لن تستطيع إصلاحه وإعادته، ولذلك شبه رسولنا الكريم النساء بالزجاج، لأنهن يحتجن الحب في التعامل والاحترام، وأنك لابد أن تراعي مشاعرها، لذلك فإن أردت أن تحبك النساء فعاملهن باحترام ويكفي قول رسولنا الكريم “رفقا بالقوارير”، فالمرأة لم تخلق من رأس الرجل لئلا تتعالى عليه، ولم تخلق من رجله لئلا تحتقره، وإنما خلقت من ضلعه لتكون تحت جناحه فيحميها، وقريبة من قلبه فيحبها، وقد قالوا: إذا تبلد قلب الرجل بالهموم انزاحت سحب الظلام بظهور المرأة، ومن الأقوال المأثورة للرجل والمرأة والعلاقة بينهما، أنه إذا أحبت المرأة ضحت بنفسها من أجل قلبها وإذا كرهت ضحت بغيرها،

فالمرأة أكثر تضحية من أي شخص في الأرض إذا أحبت، فبيت بلا امرأة كجسد بلا روح.

ولذلك أيها الرجل ليس من الرحمة أن تكسر قلب فتاة أو امرأة احبتك، ولذلك يا معشر الرجال استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم، فقدر مجهود زوجتك واحمل اللقمة إلى فيها، ولا تعامل زوجتك معاملتك لصديقك أو أخيك، فليس الذكر كالأنثى، وكن لها عبداً تكن لك أمة، وقد أكد ديننا الحنيف على حسن معاملة النساء وذكر الله تعالى في آياته: “أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون”.

فإني اتمنى رجوع كل رجل لمراعاة المرأة حتى لا يختفي بريق الذهب لأنه لو اختفى بريق الذهب قد نندم على أشياء قد تكون سهلة العمل ولا تتطلب المجهود، ولكن تتطلب جزء من الوقت، جزء من الحب والمشاعر الدافئة والحنية والرضا، ولا تنسوا أيها الرجال وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء عموماً والزوجة خصوصاً والأحاديث كثيرة في ذلك، وفي النهاية اذكركم بقول رسولنا الكريمك “استوصوا بالنساء خيراً” تعاملوا معهن بأحسن معاملة وأفضلها، فالأنثى أمانة، ما خلقت للإهانة، حتى لا يختفي بريق الذهب.

هالة أبو القاسم عبد الحميد
موجهة رياض أطفال بإدارة أبوتيج التعليمية بأسيوط

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.