تقارير وتحقيقات

سبب اختيار شهر سبتمبر لبدء العام الدراسي بالمدارس

بدأ العام الدراسي الجديد في كل دول العالم تقريبا، فما السبب وراء اختيار هذا الشهر من كل عام للعودة إلى المدارس؟

أجابت بي بي سي في تقرير لها قائلة أن ثمة سبب تاريخي واقتصادي لهذا الأمر. ففي المملكة المتحدة، أصبح التعليم الابتدائي إلزاميا في عام 1880. وكان الأطفال يعملون آنذاك في الحقول والمزارع لمساعدة أسرهم ماديا، فكان يتعين على السلطات تصميم العام الدراسي بشكل يحفز الأسر على إرسال أبنائها للمدارس.

وتقول باولا كينغ، أحد أعضاء الرابطة التاريخية في المملكة المتحدة، إن اختيار توقيت العام الدراسي جاء ليواكب الموسم الزراعي والصناعات المتعلقة بالزراعة، التي يشارك فيها الأطفال.

“فالعمل كان أقل في أشهر الشتاء، وبالتالي تقل الحاجة لوجود الأطفال في الحقول. وكان مقبولا أن يغيب الأطفال عن العمل في فترة النهار”.

وتابعت: “وبدءا من نهاية شهر مايو/ أيار، تبرز الحاجة لوجود الأطفال في الحقول لجمع الفاكهة، وحصاد المحاصيل، ورعاية الماشية (ومن ثم ينتهي العام الدراسي في هذا الوقت)”.

واضاف تقرير  بي بي سي أن السبب نفسه الذي صُمم على أساسه توقيت العام الدراسي في المملكة المتحدة ينطبق على سائر دول العالم.

وتقول سارة طرمان، باحثة في سياسات التعليم المقارن، إن المجتمعات الزراعية بشكل عام كانت تفضل أن يعمل الأطفال في الحقول للمساعدة في النشاط الاقتصادي للأسرة.

كما أن الدراسة في الصيف تستلزم المزيد من أعمال البنية التحتية والاستعدادات في المدارس، “فارتفاع درجات الحرارة يتطلب كثافة أقل في الفصول، والأخذ في الاعتبار المزيد من ظروف التهوية وأجهزة التبريد وغيرها. وهو ما يزيد من تكلفة الإنشاءات في المدارس”.

وترجح طرمان أن النشاط الزراعي انعكس على موعد بدء اليوم الدراسي نفسه، “فميقات السابعة صباحا لبدء المدرسة مرتبط بالمواعيد المبكرة للعمل في المزارع. ولم تظهر الدعوات لتأخير بدء اليوم الدراسي إلا مؤخرا، بعدما تغير ميقات بدء يوم العمل”.

لكن طرمان أشارت إلى أن المدرسة جزء من المجتمع ككل، “فهناك حياة أسرية بعد المدرسة، وأنشطة يجب أن يكون الطالب جزءا منها بحيث لا ينعزل اجتماعيا. وهو الرأي الذي يرجحه الفريق المؤيد للبداية المبكرة للمدارس”.

ورغم تحول الكثير من المجتمعات الحضرية إلى موقف مناهض لعمالة الأطفال، إلا أن الكثير من المجتمعات ما زالت بحاجة لأيدي عاملة من صغار السن.

وترى طرمان أنه لا يجب مواجهة الاحتياج الاقتصادي في هذه المجتمعات بأدبيات تجريم عمالة الأطفال، “فرغم مواقفنا الأخلاقية من عمالة الأطفال، إلا أن الواقع يفرض نفسه في هذه المجتمعات، ومهمتنا هي وضع النظام الدراسي بما يحقق أكبر حافز ممكن لإلحاق الأطفال به”.

وثمة عامل آخر في العالم العربي، وهو غياب المقاييس العالمية بشأن المسافة بين المدرسة والمنزل، التي يجب أن تتراوح ما بين كيلومتر واحد أو اثنين على الأكثر.

ولا تنطبق هذه القاعدة بالضرورة على الكثير من المناطق الحضرية في العالم العربي، “فالمدارس الجيدة قد تبعد عن المنزل بمسافة تصل إلى ساعة أو أكثر، هذا بجانب الزحام المروري. وينتهي الأمر بإضافة ساعات تنقل عدة إلى اليوم الدراسي”.

وبشكل عام، تختلف معطيات النظام الدراسي في الواقع عن القواعد المتفق عليها أكاديميا وعالميا بسبب الظروف المختلفة للمجتمعات.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.