سجناء الغربة
بقلم / ممدوح الشنهوري
احيانا يكون الواقع هو الملهم الوحيد لكل إبداع حقيقي لنا في الحياة ،في كل تجربة يعيشها الإنسان في كل مجالات الحياة تنشط أفكاره وخاصة الكٌتاب ، فالواقع بالنسبه لهم هو مجرد قلم يمتلكونه ليعبرون به كل مواقفهم في الحياة سواء كانت عن الأتراح أو الأفراح.
ومن أجمل الكلمات التي عبرت عن جحيم وقساوة الغربة للبعض من الناس، كلمات الشاعر والناقد الأكاديمي والمفكر السوري الأصل والمتجنس بالجنسية اللبناية والفرنسية أيضا ( علي احمد سعيد ) والمعروف بأسم ( ادونيس ).حيث خٌلدت له تلك الجملة الشهيرة التي قال فيها أن ” أقسي انواع السجون تلك التي ليس لها جدران ” . والتجارب الشخصية التي عشتها مع الغربة ومعرفة قوة هذه الجملة وأثرها النفسي والواقعي علي أغلبية المغتربين، يمكنني أن أضيف اليها بعض الكلمات لتصبح ” أن اقصي انواع السجون تلك ليس لها حدود، والتي يختارها الإنسان طواعية منه “.
مثل العيش في الغربة من أجل لقمة العيش لسنوات وسنوات ليظل البعض أثير لها، وكأنه مسجون ولكن بإرادتة، يحزن ويمرض ويفرح ويقاسي ويدمن الفكر السلبي والمحبط وربما الكثير من الفراغ، من مرارة بعده عن الوطن من أجل لقمة العيش وذلها، ليمر بكل تلك المشاعر المختلطه لوحدة دون أن يشعر به او يواسيه أحد، فما أقساه سجن هو سجن الغربة، فهو لا يقل في حكمة علي النفس بإرادتها في المكوث فيه لسنوات، قد تتعدي سنوات الأحكام الجنائية في المحاكم والتي أقسي حكم بها هو المؤبد أي خمسة وعشرين عاماً.
كل المسافرين غرباء في المنفي مسجونون من أجل لقمة العيش، حتي وإن كانت طريقة سٌبل عيش البعض منهم تحمل الكثير من الرفاهية ورغد العيش ، ولكن مع طول الأيام حتماً سيشعرون بجدران سجنها المفتوح! وربما يمتلك الكثير ممن يتغربون من أجل لقمة العيش قرار العودة الي الوطن في أي وقت بغد سنوات قليلة او كثيرة، لقلة مسؤلياتهم أو وجود البديل من سٌبل العيش في بلدهم، ولكن ماذا عن هؤلاء الذين ليس لهم أي سٌبل أخري تمكنهم من العيش في بلدهم بكرامة وأمان دون خوف أو ذل الحاجة، ليقضوا بقية حياتهم مسجنون في الغربة.
وقد عبر مواطن مصري يعيش في النمسا عن صعوبة الغربة حتى ولو في اوروبا بقوله : “الغربة مثل قطعة التلج كلما احتضنتها شعرب بالبرودة “.
*عضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان