كتب – محمد السيد راشد
نشر دكتور سعد الله الأغا علي منصته الإلكترونية بحث اكد فيه أن إعادة توظيف الألحان ظاهرة قديمة عبرت الحدود بين فضاءات الغناء وبَنَت لها أرضية مشتركة قاومت تغير الأزمان والأحوال.
وكتب دكتور سعد في تقديم البحث يقول :
تزاوج الكلمة واللحن
عاشت الموسيقا العربية ، منذ أن بدأت تتكون ، كلغةٍ موسيقية متميزة ، على تزاوج الكلمة واللحن. كانت الكلمة ، في غالب الأحيان ، هي الأسبق للولادة ، لتكون أساس اللحن القادم ، تحمل المعنى المغنى ، الذي ينقل إلينا صورة عن المجتمع في زمن ولادتها ، معبراً عن مشاعر إنسانية ، أو عن واقع معاش، ثم يأتي اللحن ، متوافقاً معها ، ضمن معاييرَ اختلفت من عصرٍ لآخر. ففي فترة سابقة ، كان المهم أن يتوافق إيقاع اللحن مع إيقاع الشعر ، ثم تداخلت هذه القاعدة ، اعتباراً من بداية القرن العشرين ، مع محاولة التعبير عن المعنى ، بحيث ترسم الجملة اللحنية ، صورة صوتية تترجم مضمون النص ، فتقربه من حس المستمع وعقله ، متزامنة في ابتداعها ، مع تطور القيمة الفكرية للنص المغنى، وخاصة في مجال الأغنية الدنيوية.
بداية استنباط نمط الكلمات وإعادة الألحان من عصر هارون الرشيد
وقد مرت الكلمة المغناة بمراحل تطور متعددة ، قد نعرض لها في دراسة لاحقة ، ولكن السمة الأساس لها ، والتي رافقتها حتى بداية العصر الحديث ، كانت تتمثل في كون قيمتها الفكرية ، أضعف من القيمة الجمالية للحن، وليس أدل على ذلك إلا اعتراض ابن منظور في كتابه ” مختار الأغاني “، على القيمة الجمالية والفكرية لنصوص الأصوات ( الأغاني ) الثلاثة ، التي تم اختيارها من قبل اللجنة التي شكلها هارون الرشيد ، لتمثل الغناء العربي في ذلك الزمان ، والتي كانت السبب في تأليف كتاب الأغاني نفسه.
ظاهرة إعادة توظيف الألحان
من هنا ، نشأت ظاهرة إعادة توظيف الألحان ، على ما أعتقد ، حيث كانت الألحان ، في كثير من الأحيان ، تجرد من نظمها القديم ، وتكسى بنص آخر ، يلائم وظيفة جديدة ، في فضاء غنائي جديد ، فيكسبها ذلك استمراراً وحياة ، ويجعلها ترسي قواسم مشتركة بين فضاءات الغناء المتنوعة ، إلى أن تتغير الأحوال ، وتنشأ الحاجة إلى معان جديدة ، فتعاد الكرة من جديد ، أو تتغير أذواق الناس فتذوب الألحان في ذاكرة التاريخ ، أو تتطور عناصر اللغة الموسيقية، فتتشكل ألحان جديدة ، تحتوي في خلاياها ، ألق الألحان القديمة ، ونبض العصر الجديد.
للاطلاع على نص البحث طالع الرابط التالي :