سلسلة”الحقيقة المرة للدول الحرة”..(1) الآلهة تتخلى عن الهنود الحمر
بقلم / إيمان أبوالليل
أهدي هذه السطور الكاشفة عن الحقيقة المرة في البلاد الحرة، إلى شباب الوطن العربي بأكمله، ليعلم أنه سيد العالم إن عاد لانتمائه وهويته الحقيقية، ونفض عن عقله سيطرة الحلم الزائف المخادع لغرب كاذب.
مقدمة
خطورة تمزق روابط الانتماء على هوية شباب العرب، أدى إلى خصومة وتمرد على اللغة والتاريخ والمكان الذي هو أصل كل الحروب.
فالحروب الخبيثة من الغرب على العرب من خلال بث الأفكار والمبادئ الكاذبة عن الحرية والديمقراطية، ونشر اعلام الغرب صورة ذهنية وهمية عن تاريخ بلادهم، كما لو كانت تلك البلاد هي جنة الله على الأرض، جعل شباب العرب ينتمون بأحلامهم إلى تلك البلاد، وتولدت مشاعر ساخطة على حضارتهم وهويتهم الأصلية.
ولأن شباب العرب بعيدا عن القراءة والتثقيف من خلال الكتاب الورقي، أصبح أسيرا للمنصات الرقمية، وباتت هي المصدر الوحيد لجمع المعلومات. فأصبحت المسافة بينهم وبين هويتهم بعيدة وتزداد بعدا كل يوم.
خاصة وأن الغرب المخادع يسعى بكل جهد للقضاء على اللغة العربية، التي هي جزء لا يتجزأ عن الهوية.
لهذا كانت تلك السطور التي سبح القلم بها من بحر ظلمات تاريخ العالم الغربي، ليكشف النقاب عن الحقيقة المرة في البلاد الحرة، ليعلم شباب الأمة العربية، بأنه وقع فريسة امبريالية ثقافية، وأن هذا الوجه الملائكي للغرب، ما هو إلا قناع يخفي من خلفه الشيطان بذاته.
الحقيقة الأولى
الٱلهة تتخلى عن الهنود الحمر
على ساحل القارة المجهولة، يقف سكانها ذوي البشرة الحمراء يقدمون القرابين للٱلهة حتى تحميهم من الشر،
ثم يذهبون لبدء عملهم مثل كل يوم، الحياة على أرض القارة المجهولة تتميز بالبساطة والهدوء، فهي حياة بدائية قائمة على الزراعة وتربية الحيوانات والطيور الداجنة، بالإضافة إلى صيد الأسماك من المحيط.
واستمرت الحياة بسكان القارة المجهولة هكذا ودون أزمات، خاصة وأن عدد سكانها قليل، فهؤلاء السكان أتوا من شمال شرق قارة أسيا واستقروا فيها وأصبحوا هم السكان الأصليين وأول من اكتشف القارة المجهولة.
وذات صباح خرج سكان القارة مثل كل يوم، فوجدوا على الساحل مجموعة أشخاص يقودهم شخص يدعى كولومبوس، وبدأ كولومبس بالتحدث معهم وهو يظن بأنه استقر على ساحل القارة الهندية، للتشابه الكبير بين الهنود في القارة الهندية وبين سكان القارة المجهولة.
ولكن كولومبوس بعد قضاء الوقت على القارة المجهولة، اكتشف بأنه على أرض جديدة، أرض بكر مازالت تحتفظ بخيراتها، فأطلق على السكان اسما جديدا عليهم، وهو الهنود الحمر.
وأطلق كولومبوس صرخاته حول العالم، معلنا عن اكتشاف جديد، وبهذا ارتبط اسم كولومبوس بقارة أمريكا القارة المجهولة، ولم ينته الأمر، فالأطماع الاستعمارية تراود كولومبوس، وحب التملك هو الأساس عند الأوروبيين.
بدأ كولومبوس بالكيد والتٱمر على السكان الأصليين للقارة، والذي أطلق عليهم الهنود الحمر، وسعى إلى التخلص منهم أو تقليل عددهم ليصبحوا قلة.
الجدير بالذكر، أن الهنود الحمر لهم صفات مميزة، فهم يميلون للسلام والهدوء، كما أنهم يبغضون الحرب والصخب، وهذا ما جعل كولومبوس يستهن بهم ويقرر التخلص منهم، وقتل المحتل الأبرياء والأطفال والشيوخ، وقام بخلط السم في ٱبار الماء، وعقروا الماشية.
سعى الهنود الحمر إلى السلام مع المحتل الجديد، فهم لا يملكون الأسلحة التي تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم وأرضهم، وقبل المحتل فكرة السلام، لكن في الواقع هو يكيد لهم، وأقنعهم بخبث منقطع النظير بأنه من اللازم أن يميزهم عن غيرهم، وقرر أن يرتدون ملابس مميزة.
وكانت تلك هي المكيدة.. استعمل الحرب البيولوجية للقضاء عليهم, وأحضر من مستشفيات أوروبا ملابس وأغطية ملوثة بالأوبئة المعدية القاتلة، مثل الطاعون، والجدري، وبهذه الحيلة الغير شريفة قضى على أعداد كبيرة في وقت قصير.
وقف القائد العسكري لجيش المحتل الأوروبي بين جنوده، وأعلن عن مكافأة كبيرة لمن يحصد عددا أكبر من رؤوس الهنود الحمر.
كانت المكافأة سخية، ومستحيل أن يرفضها جندي أتى ليدمر ويقتل.. فرأس الرجل الواحد تساوي مائة جنيه استرليني، ورأس المرأة تساوي رأس الطفل المقدر بنصف ثمن رأس الرجل الواحد.
وانقلب الجنود إلى مصاصي دماء وقتلة، يتسابقون لحصد رؤوس الأبرياء طمعا في المال، ووصلت بشاعة وحقد هؤلاء إلى مضاعفة المال لمن يقوم بسلخ فروة رأس الهنود الحمر.
وأقاموا الحفلات الضخمة كما لو كان الميدان تحول إلى ساحة مصارعة رومانية، أصبحت طقوس سلخ الهنود الحمر إحتفالية يجتمعون حولها ويحتسون المشروبات فرحا بها، وتم الإعلان عن أكثر شخص قام بسلخ الهنود الحمر، ويدعى لويس، فقد قام بسلخ ألفا ومائتين من الهنود الحمر في شهر واحد.
وتم تكريم لأحد المشاركين في سلخ الهنود الحمر، وهو ٱندرو جاكسون والذي ابتدع طقوسا جديدة للتمتع بمشاهد السلخ، فقد أمر بسلخ الهنود الحمر ببطء حتى يستمتعون بالمشاهدة، بوضع صورته على ورقة الدولار فئة العشرين.
واشتهر المحتل الإنجليزي بالوحشية والهمجية في القتل والتهجير القسري للهنود الحمر، وعملوا على القضاء عليهم حتى لا يأتي جيل جديد يحاول أن يسترد كرامة الهنود الحمر في أمريكا.
وما وجد الهنود الحمر وسيلة للدفاع عن أنفسهم سوى التضرع لٱلهتهم، فكانوا يذهبون كل يوم للساحل لانتظار الٱلهة كما يعتقدون بأن البحر سيأتي ذات يوم لإنقاذهم.
وأتى الأسبان، وثار الهنود الحمر من الفرحة والسعادة ظنا بأن الآلهة أخيرا أتت لإنقاذهم، وقدموا القرابين والهدايا للجنود الأسبان.
لكنها الطٱمة الكبرى وخيبة الأمل، فبمجرد نزول الأسبان على أرض الساحل الأمريكي، كشفوا النقاب عن وجهه الشيطاني، وسخروا الهنود الحمر للعمل تحت إمرتهم، وزاد الأمر بشاعة، حيث قاموا بقتل الأطفال وقدموهم وجبة طعام للكلاب.
واليوم أصبح الهنود الحمر مجرد قلة، يعيشون في عزلة بعيدا عن الحياة الحديثة، وتم خداعهم حيث تم توقيع كبيرهم على موافقته بأن يعيش الهنود الحمر في محميات خاصة بهم، مقابل التنازل عن قراهم وأملاكهم.
وكان ضعف الهنود الحمر هو مفتاح استغلال المستعمر لهم، كما كان جهلهم هو أقوى سلاح استخدم ضدهم.
وللحدبث بقية
إيمان أبوالليل
كاتبة صحفية وعضو اتحاد كتاب مصر