سلسلة الحقيقة المرة للدول الحرة..(4) المتحف الكوري وفضيحة أمريكا
الحقيقة الرابعة
بقلم / إيمان أبو الليل
في ليلة عيد الميلاد سنة ١٩٦٨، كان العالم يحتفل بسعادة وسرور مثل كل ليلة ميلاد مع بداية السنة الميلادية، عدا أمريكا والتي كان يخيم عليها القلق والحزن والغيظ أيضا مما حدث في كوريا الشمالية.
ولكن قبل أن نتجول بين سطور التاريخ، دعونا نكشف عن البلورة السحرية، ونسافر عبر الزمن إلى سنة ٢٠١٨، هيا بنا.
المسوق الماكر
بعد اللقاء الأسطوري بين زعيمي الكوريتين، والإعلان بشكل رسمي عن انتهاء حالة الحرب بين البلدين، والانتقال إلى مرحلة السلام الكامل، وانتهاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية، والالتزام بتفكيكه نهائيا، لعب المسوق الماكر، دونالد ترمب رئيس أمريكا في توظيف هذا الحدث لمصلحته السياسية. وخاصة بعد تصريح كوريا الجنوبية، على لسان رئيسها مون جاي، بأن الرئيس الأميركي ترمب كان وراء هذا الإنجاز التاريخي.
وعقب ذلك صرح الرئيس ترمب بأنه المسؤول عن كل شيء يخص هذا الإنجاز التاريخي، وهكذا استرد ترمب كرامة أمريكا التي أهدرتها كوريا الشمالية سنة ١٩٦٨.
والٱن دعونا نعود للماضي القريب لنرى ماذا فعلت كوريا الشمالية بأمريكا.
علامة نصر دائمة
في نهار أحد أيام ١٩٦٨، استقرت السفينة الأمريكية بوبليو قبالة المياه الدولية لكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، وعلمت كوريا بأنها سفينة تجسس لصالح أمريكا.
تحركت القوات الكورية باتجاه السفينة الأمريكية ، وتم القبض على طاقم السفينة، حيث تم حبس ٨٢ جندي أمريكي، كانوا على متن السفينة قرابة العام.
وتسببت الواقعة بفضيحة كبيرة للغطرسة الأمريكية، وإحراج كبير للقوات البحرية الأمريكية.
ولعبت كوريا الشمالية بكرامة أمريكا، فتحفظت على سفينة التجسس الأمريكية، وبصفعة قوية، قامت بعرض السفينة في المتحف حتى تكون علامة نصر دائمة لكوريا الشمالية على أمريكا.
وفي ظل الأحداث الفيتنامية في يناير من العام ذاته، وسعي أمريكا للسيطرة على الشيوعيين، استغلت كوريا الشمالية الفرصة، وكان الحظ حليفها، لأن العلاقات الكورية الأمريكية كانت معدومة بعد حادث سفينة التجسس.
فقررت كوريا الشمالية استفزاز كوريا الجنوبية، وعملت على التخطيط لاغتيال رئيس كوريا الجنوبية (بارك هي) في مقر البيت الأزرق.
وفشلت محاولة كوماندوز كوريا الشمالية في اغتيال رئيس كوريا الجنوبية، ولكن دارت الحرب التي أسفرت عن خسائر كبيرة في الأرواح.
محاولة لمحو العار
ومازالت كوريا الشمالية تتلاعب بأمريكا، ففي عام ٢٠١٨ بعد الاتفاق النووي الذي حدث، طلبت أمريكا من كوريا أن تعيد إليها سفينة التجسس، في محاولة لمحو العار عن أمريكا.
وأثناء محاولة الاغتيال علمت كوريا الشمالية بوجود سفينة التجسس، والتي كانت في الأصل سفينة خاصة بالأبحاث البيئية، واستغلتها أمريكا لصالحها، ولكن فشلت المحاولة كما ذكرنا من قبل.
وكشفت كل هذه الأحداث عن الوجه الضعيف والزائف لأمريكا، وعلم العالم بأكمله أن جونسون رئيس أمريكا رجل ضعيف.
برغم أنه قرر استخدام القوة العسكرية بدلا من محاولة الحل السياسي الدبلوماسي، فأمر بتحرك ٢٥ سفينة ومائة طائرة لبحر اليابان قبالة كوريا.
وكان عرضا للقوة العسكرية، حتى تدعم المفاوضات بقوة القوات الأمريكية، وبدأت المفاوضات بعد أن علمت أمريكا أن جنود سفينة التجسس تعرضوا للتعذيب بسبب إهانتهم واستفزازهم لكوريا الشمالية بإشارات إباحية.
مما جعل الكوريين في حالة غضب شديد، واعتذرت أمريكا لكوريا الشمالية عن حادثة التجسس، واعتذرت أيضا عن فعل الجنود لاستفزازهم.
ونجحت المفاوضات وعبر الجنود المنطقة منزوعة السلاح إلى كوريا الجنوبية، وعادوا إلى أمريكا حاملين جثمان الجندي هودجز الذي مات متأثرا بجروحه.
وانتهت ليلة عيد الميلاد المؤلمة وأسدل الستار عليها، تاركة من خلفها ثأرا لم ينته بعد، وسيستمر الكر والفر، ولن تهدأ أمريكا حتى تستعيد سفينة التجسس بوبليو الأمريكية، والتي يتم عرضها في المتحف الحربي لكوريا الشمالية في العاصمة بيونج يانج.
إهانة لكل أمريكا
ومنذ عام ١٩٦٨ وحتى الٱن والأمريكان يطالبون القوات العسكرية الأمريكية، بضرورة استعادة سفينة التجسس المرهونة في متحف كوريا الشمالية.
فوجود السفينة هكذا في متحف سياحي هو إهانة لكل أمريكا، وتذكرهم بهزيمتهم، وكسر شوكتهم أمام كوريا الشمالية.