الصراط المستقيم

سمعنا وأطعنا”1″…..الميثاق العظيم

كتب:هاني حسبو.

لكل صاحب منهج وقضية يحاول أن يلتزم به ويدعوا إليه منهج وميثاق يجب الالتزام به حتى تكون قضيته واضحة ويكون منهجه سليما وبالتالي يستطيع السير فيه بأمان.

هذه القاعدة الأصيلة إذا حاولنا أن نطبقها على “الإسلام” بشموله باعتباره منهجا للحياة سنجد أن الميثاق الأعظم الذي يجب على المنتسبين لدين الله أن يلتزموا به يتكون من مقطعين اثنين :الأول “سمعنا” والثاني”أطعنا”.

قال الله تعالى وهو يحدثنا عن هذا الميثاق العظيم:

“وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور”[المائدة: 7].

والميثاق هنا هو ميثاقَ الله الذي واثقَ به المؤمنين من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، حين بايعوا رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – على السمع والطاعة له فيما أحبّوا وكرهوا، والعمل بكل ما أمرهم الله به ورسوله.

ويذكر الله المؤمنين بأن هذا الميثاق هو سبب فلاحهم في الدنيا والآخرة فقال عزوجل:

“إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.”

وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الميثاق سبب عظيم من أسباب تيسير الأمور فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284] فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ، الصَّلاَةَ، وَالصِّيَامَ، وَالجِهَادَ، وَالصَّدَقَةَ، وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ نُطِيقُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: “أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: ﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ فَقَالُوا: ﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْمُ، وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، أَنْزَلَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي إِثْرِهَا: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285] قَالَ عَفَّانُ: قَرَأَهَا سَلاَّمٌ أَبُو الْمُنْذِرِ: يُفَرِّقُ، وَقَالُوا: ﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285] فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ﴾ [البقرة: 286)

وكما قالوا :”بضدها تتميز الأشياء” فإن الله قد توعد من خالف أمره وقال”سمعنا وعصينا” بالذلة والصغار والغضب من الله عليه.

قال الله سبحانه عن الكفار من أهل الكتاب لما قالوا سمعنا وعصينا ولم يؤمنوا: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران:112].

بل مسخ الله سبحانه وتعالى اليهود قردة وخنازير لما عصوا أمر الله وتحايلوا على شرعه، قال عز وجل: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) [الأعراف: 163-166]

لذا فهم الصحابة هذا الأمر جيدا وبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الميثاق لعلمهم بارتباطه بإيمانهم ارتباطا وثيقا فعن قَيْسٍ سَمِعْتُ جَرِيرًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: ” بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ” رواه البخاري ومسلم.

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ َيقُولُ لَنَا: “فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ” رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

وختاما نستطيع أن نقول أن هذا هو السبيل وهذا هو الطريق المستقيم لمن أراد أن يسلكه……طريق “سمعنا وأطعنا”

وللحديث بقية إن شاء الله وقدر.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.