
Table of Contents
Toggleبقلم / محمد أحمد نجم
القلب… تلك المضغة الصغيرة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد بأكمله. لكن، هل للقلوب منفذ يمكن أن نراها من خلاله؟ أهي بيضاء أم سوداء، أم تحمل ألوانًا أخرى خفية؟ كيف نُبصر القلوب التي لا تطالها أشعة أبصارنا؟ هذا هو محور حديثي إليكم اليوم.
قلوب بيضاء كالثلج… تنبض بالمحبة
هناك قلوب ملأها الإيمان، وسقتها ينابيع الخير، ونضجت فيها المحبة والرغبة الصادقة في رؤية الجميع بأفضل حال. قلوب تعرف المعروف وتنكر المنكر، بيضاء كالثلج، نقية كاللبن، زكية في طويتها، طاهرة في نواياها. قلوب حين تراك تبتسم لك، لا تصطنع، ولا تُخفي غير ما تُظهر.
وقلوب سوداء… لا تُبصر إلا الشر
وعلى النقيض، نجد قلوبًا ملأها البغض، وسكنها الحقد، وسُقيت بالكراهية حتى عفنت من الداخل. قلوب تتمنى السوء للآخرين، حتى وإن نالهم منه ما ينالها. قلوب سوداء كالليل الحالك، عكرة كطين يعكر صفو الماء، دفعتها الأحقاد وسوء العمل، وران عليها طول الأمل وغفلة الضمير، حتى صارت سجينة للغل والضغينة.
حين تفضح الألسنة ما تخفيه الصدور
لسنا بحاجة إلى فتح الصدور لنرى القلوب، فـنور البصيرة كفيل بأن يُرينا حقيقتها. وإن لم نُمنح البصيرة، فـالأفعال والألسنة كفيلة بكشفها. فالقلوب المتعفنة لا تُخفي رائحتها، وسرعان ما يطفو ما بداخلها على ملامحها وكلماتها ومواقفها.
قد تظن فئة من الناس، وهي واهمة، أنها تملك من الدهاء ما يكفي لتظهر بصورة المحب النقي، الداعي إلى الخير، الساعي إلى النجاح، لكنها سرعان ما تُفضَح، وتسقط عنها أوراق التوت. وها أنتم قد كُشف سِترُكم، وظهرت نواياكم، وانقلبت محاولات التجمُّل إلى دلائل على السوء الدفين في قلوبكم.
أبواب القلب.. حين تُغلق بإرادة أصحابها
لقد أُتيحت لكم الفرص لتصلحوا فساد قلوبكم، لتطهروها من الحسد والغل والكراهية، ولكنكم أبيتم. ألقيتم بمفاتيح قلوبكم في أعماق سحيقة، وتركتُم الصدأ يلتهم ما بقي من طُهرها، حتى أعجزتمونا عن مساعدتكم في تغييرها. تعنّتكم وسوء اختياراتكم أوصدت كل سبيل إلى النور.
القلب.. محلّ نظر الله
القلب هو محلّ نظر الرب، ومن عباد الله من وهبهم نورًا يرون به القلوب، لا بالأعين بل بالبصيرة. ووالله، لو تعلمون ما رأيناه، لودِدتم لو أنكم سترتم أنفسكم، فـما رأيناه من قبح وفُحش وسواد في قلوبكم لا يُنسى.
وإنه لقول نُدهش حين نقوله: يا ليتنا ما أبصرنا ما أبصرنا، وما عرفنا ما عرفنا.
محمد أحمد نجم
كاتب من طين مصر