كتبت /عزه السيد
بدأ الأخ الأصغر للشاب محمد أحمد، ضحية قطار محطة مصر، حديثه من أمام مشرحة زينهم بكلماته.«أعمل إيه غصب عني والله كل ما تذكر شكل أخويا في الفيديو وهو بيجري على السلم والنار مولعة فيه يغمى عليا».
ومن كثرة بكاء الشاب الصغير بدأت بعض أسر الضحايا تنسى ما بها من أوجاع وتواسيه «يا بني حرام عليك كده هتموت كل شوية قلبك يقف.. ادعِ لأخيك بالرحمة»، وما يلبث أن يهدأ الشاب وتنجح مساعي الحاضرين، حتى يتذكر المشهد من جديد فيعود للصراخ مرة أخرى ويفقد الوعي، وظل الأمر هكذا طيلة انتظار خروج جثمان شقيقه من المشرحة.
وعندما يأس الحاضرون من الشاب الصغير ذي الـ16 عاما، تركوه، وجلب له عساكر الأمن المتواجدة في المكان كرسيا، وأخذوا على عاتقهم حمل تهدئته، وتذكيره بقضاء الله تعالى وقدره، وطلب منه أحد الجنود يدعى “كرولس” قراءة الفاتحة لأخيه والترحم عليه.
وحاول الصغير أن يجمع قواه ويسترجع ذاكرته قائلًا: «أخويا كان متفق مع صديقه بالجامعة للذهاب لكلية الآداب التي يدرسون بها، ومرة واحدة لقيت صاحبه بيتصل بي ويقولي الحق حصل حريق في محطة مصر ومحمد النار مشتعلة بجسمه فهرولت من منزلنا من مدينة بدر إلى المحطة دون أن أبلغ أحد من أهلي وعندما وجدت صاحب أخي قالي أخوك طفو النيران من جسمه وراحوا بيه المستشفى وأعطاني قائمة كبيرة بأسماء المستشفيات».
وبدأ الشاب مرحلة البحث عن شقيقه الوحيد ليأخذ يومًا كاملًا بين المستشفيات يبحث عن أخيه حتى وصل في نهاية المطاف إلى مستشفى دار الشفاء وهناك أبلغوه أن أخيه موجود في مشرحة زينهم، واستطرد: «عندما ذهبت للمشرحة سمحوا لي بالدخول للتعرف على أخي بين الجثث وجدتهم متفحمين لكن عرفت محمد لأنه كان جزءا من وجهه ظاهر كما أن محمد أصيب من قبل بكسر في ذراعه اليمنى جعل يده مقوسة وعندما عملنا التحليل الوراثي تأكدت إنه أخي واتصلت بوالدي وهو لم يكن يعرف عن الحادث شيئا فأخبرته حتى نستطيع استخراج جثة محمد من المشرحة وندفنه».
وأخذ الفتى يتلو آيات من القرآن الكريم ويترحم على أخيه حتى هدأ وأيقن أنه لن يستطيع الانتظار أمام المشرحة حتى يصل والده ويستخرج تصريح الدفن فقرر أن يذهب إلى المنزل كي ينتظرهم هناك، وتظل صورة شقيقه يهرول من على سلالم محطة مصر، وصورته متفحمة داخل مشرحة زينهم عالقة بذهنه.