حرية التعبير تنتهي عند المساس بمقدسات الآخرين ورموزهم الدينية
كتب – وليد على
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إن العالم اليوم في أمس الحاجة إلى صوت الدين، ذلك الصوت الذي يحاول البعض كتمه وإقصاءه عن حياة الناس، وأنَّ المغالاة في النظرة المادية وتأليه شهوات الإنسان والسعي وراء إشباعها؛ لم يجن العالم من ورائه سوى المزيد من الحروب والصراعات وسفك الدماء.
جاء ذلك خلال استقبال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الاثنين 13 مارس ، بمشيخة الأزهر، ميتي فريدريكسن، رئيسة وزراء الدنمارك، لبحث سبل التعاون وأبرز القضايا العالمية ذات الاهتمام المشترك.
وأكد أنَّ مصطلح الحريَّات يُساء استخدامه كثيرًا من الغرب مع توظيفه في فرض بعض الرؤى والأعراف الغربية على ثقافتنا الشرقية والعربية، كتطبيع الشذوذ الجنسي من خلال القنوات الإعلامية الموجهة لمنطقتنا العربية وللشرق الأوسط بشكل عام، ومحاولة فرضه قانونًا وواقعًا، مع الضرب بحقوق الإنسان والأطفال والأسرة عرض الحائط، بهذه السلوكيات والجرائم التي تتنافى مع تعاليم الأديان والفطرة الإنسانية وتقلب موازين الكون وسنة الله في خلقه، وهنا لابد من وضع حد لهذا الشكل المتجدد من الاستعمار وهو الاستعمار الفكري والثقافي.
وأشار إلى أن تمسك المسلمين وأهل الشرق بقيم الدين والأخلاق هو جزء لا يتجزأ من شخصيتهم وهويتهم التي يعتزون بها ويقدرونها جيدًا، لافتًا إلى أن حرية التعبير لا يمكن قبولها للإساءة للآخرين أو المساس بمقدساتهم ورموزهم الدينية، مؤكدا أنه يعول كثيرًا على صوت الحكماء والعقلاء ومن لا يزالون يملكون حسا إنسانيا تجاه القضايا العادلة، وأننا بحاجة إلى انتشال الإنسان من مآسيه وآلامه، والتعامل مع الإنسان الشرقي على أنّه إنسان كامل شأنه شأن الغربي، وأن شعوب الشرق تستحق أن تعيش حياة أفضل بكثير، معربا عن أمله في أن تجد هذه المآسي الإنسانية نهاية في يوم من الأيام.
وتطرق شيخ الأزهر للحديث عن أخطار الهجرة غير الشرعية، مشددا على أنه إذا أردنا حلا جذريا لهذه الظاهرة فعلينا دراسةُ أسبابها الحقيقية، والبحث في الدوافع التي تجبر هؤلاء الشباب وبخاصة الأفارقة على مغادرة بلادهم والهجرة إلى مستقبل غامض مجهول، ولابد من الاهتمام بالقارة الإفريقية -قارة الذهب والثروات- والتي تم نهب خيراتها والاستيلاء على مصادرها ولا يزال؛ ومدُّ يد العون إلى أبناء هذه القارة ومساعدتهم على النهوض والعمل، حينها ربما نجد بعض الشعوب الغربية هي من تهاجر إلى إفريقيا وليس العكس.
ومن جهتها، أعربت رئيسة وزراء الدنمارك عن تقديرها لما يقوم به شيخ الأزهر من جهود لنشر قيم الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والتعايش بين البشر، مؤكدًة أنَّ بلادها حريصة على كفالة حق الاختلاف، وأنها تولي اهتمامًا كبيرًا لترسيخ التواصل بين الشرق والغرب، وتعميق الصداقة بين الشعوب الشرقية والغربية، وأنها تتفق مع طرح شيخ الأزهر في خطورة الهجرة غير الشرعية وأن مصر تمثل شريكًا مهمًّا وتقوم بدور فعال تجاه هذه الظاهرة، وأن هذه التحديات تحتاج إلى تضافر الجهود لحلها وتحقيق إنجاز حقيقي على أرض الواقع.