صحيفة إسرائيلية: مسار نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة يواجه تهديدًا من الداخل والخارج

كتب – محمد السيد راشد
منذ اندلاع الحرب، تمسك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخطاب متشدد عنوانه الأساسي “القضاء التام على حماس”. هذا الشعار لم يكن موجَّهًا فقط لجمهوره المحلي وشركائه في الائتلاف اليميني، بل أيضًا لحلفائه في واشنطن. لكن مؤخرًا، طرأ تحول لافت في نبرة الخطاب السياسي الصادر عن نتنياهو، ما يشير إلى تغير محتمل في الاتجاه الاستراتيجي رغم ثبات الأهداف المعلنة.
نتنياهو يقرّ بضرورة إنهاء الحرب.. ولكن بشروط
في تصريحات حديثة خلال لقائه عائلات المختطفين في واشنطن، قال نتنياهو: “إذا تمت الصفقة، ستبدأ المفاوضات حول إنهاء الحرب على الفور، وليس بعد انتهاء الـ60 يومًا”، مؤكدًا أن “الهدف بعد 60 يومًا هو إنهاء الحرب”. هذه التصريحات لم تكن عابرة، بل جاءت ضمن جهود واضحة لتهيئة الرأي العام الإسرائيلي لمرحلة ما بعد الحرب.
وفي هذا السياق، بدا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكثر انخراطًا، حيث صرّح بشكل مباشر: “سأكون حازمًا جدًا مع نتنياهو بشأن إنهاء الحرب”، وأكد أن نتنياهو “يريد ذلك أيضًا”. ويبدو أن ترامب، الذي يطمح إلى حصد جائزة نوبل للسلام، يرى في إنهاء الحرب نقطة انطلاق لاتفاق إقليمي أوسع.
تحول في الخطاب.. ومناورة سياسية محفوفة بالمخاطر
تشير صحيفة “معاريف” إلى أن هذا التغير في النبرة ليس مجرد محاولة لامتصاص الضغوط، بل استراتيجية مقصودة لإعادة تشكيل الرأي العام. فنتنياهو يحاول الحفاظ على توازنه السياسي عبر إبرام صفقة تسمح بعودة جزء من المختطفين دون أن يُغضب شركاءه المتشددين أو يخسر دعم ترامب. هدفه هو البقاء في السلطة، لكن الضغوط هذه المرة أكثر تعقيدًا.
فالافتراض السائد في القدس، بدعم من البيت الأبيض، هو أن الولايات المتحدة لن تقبل بعودة القتال بعد انتهاء الهدنة المقترحة. ترامب، بحسب “معاريف”، يرى أن الهدنة يجب أن تفضي إلى نهاية دائمة للحرب، لا أن تكون مجرد استراحة تكتيكية.
مأزق داخلي: بين ترامب والائتلاف
يواجه نتنياهو تهديدًا مزدوجًا: داخلي من شركائه في الائتلاف أمثال بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يرفضان أي تسوية تُبقي حماس على قيد الحياة سياسياً أو عسكرياً، وخارجي من ترامب الذي يريد نهاية واضحة للحرب. وهذا ما وصفته “معاريف” بحقل ألغام سياسي-أمني-دبلوماسي قد لا يجد نتنياهو فيه مجالاً واسعًا للمناورة كما اعتاد سابقًا.
ففي حال وافق نتنياهو على صفقة تؤدي فعليًا إلى وقف الحرب دون ضمانات باستئناف القتال، فهو يخاطر بتفكك ائتلافه الحكومي. وإذا أصرّ على ترك خيار القتال مفتوحًا، فقد يخسر دعم ترامب وينزلق إلى مواجهة مباشرة مع واشنطن.
سيناريو الصفقة الجزئية.. هل يكفي نتنياهو؟
وفق ما تشير إليه الصحيفة، فإن السيناريو المثالي لنتنياهو هو التوصل إلى “صفقة جزئية” تنقذ عددًا محدودًا من المختطفين مقابل هدنة مؤقتة، ثم العودة إلى القتال إذا لم تُبدِ حماس أي استعداد للاستسلام. لكنه يخشى أن تعتبر واشنطن والمجتمع الدولي تلك الصفقة نهاية فعلية للحرب، وهو ما قد يُضعف شرعية أي تصعيد جديد.
وفي حال اضطر نتنياهو للمضي في هذه الصفقة، سيكون عليه دفع أثمان سياسية داخلية، مثل فقدان دعم سموتريتش وبن غفير، وربما فقدان الأغلبية في الكنيست، ما يفتح الباب لأزمات تشريعية وحكومية قد تعصف بمستقبله السياسي.
بين غزة والائتلاف.. القرار المصيري يقترب
تختتم الصحيفة تحليلها بالإشارة إلى أن “سحر نتنياهو” الذي مكّنه من المناورة طويلاً، قد لا يسعفه هذه المرة. فكلما اقتربت لحظة الحسم، زادت الضغوط وقلّت الخيارات، وسيتعيّن عليه أن يختار: بين غزة والائتلاف، بين ترامب وسموتريتش. أياً كان القرار، فالثمن باهظ، ولن يدفعه وحده فقط، بل إسرائيل بأكملها قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة.