تقارير وتحقيقات

صراع خرج عن السيطرة .. الكونغو الديمقراطية تطالب مجلس الأمن بمعاقبة رواندا

كتبت: د. هيام الإبس

تصاعد الأزمة في شرق الكونغو

عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعاً يوم الثلاثاء الماضي للمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام لمناقشة الأزمة المتفاقمة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ، حيث تشهد العاصمة الإقليمية “غوما” فوضى عارمة وسط ارتفاع عدد القتلى والنازحين، وفقاً لتقارير الوكالات الأممية العاملة على الأرض.

مطالب الكونغو بموقف حازم من مجلس الأمن

أكدت القائمة بأعمال المبعوث الأمريكي لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، في جلسة لمجلس الأمن، ضرورة وقف فوري لإطلاق النار، مطالبة رواندا بسحب قواتها من الكونغو الديمقراطية والعودة إلى المفاوضات لحل النزاع سلمياً، وفق ما نقلت شبكة سي إن إن الأمريكية.

وفي يوم الاثنين، أعلن متمردو حركة M23 المدعومون من رواندا سيطرتهم على مدينة غوما، على الرغم من أن مدى سيطرتهم الفعلية لا يزال غير واضح. وخلال جلسة مجلس الأمن، شددت وزيرة الخارجية الكونغولية، تيريز كاييكوامبا واغنر، على أنه “لا يمكن السماح لرواندا بالتصرف بإفلات من العقاب”.

وطالبت واغنر مجلس الأمن باتخاذ إجراءات فورية، محددة خمسة مطالب رئيسية:

  1. الانسحاب غير المشروط للقوات الرواندية من الأراضي الكونغولية.
  2. فرض عقوبات على القوات الدفاعية الرواندية.
  3. تعليق مشاركة رواندا في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
  4. فرض حظر على استغلال رواندا غير المشروع للموارد المعدنية في الكونغو وتصديرها.

صراع خرج عن السيطرة .. الكونغو الديمقراطية تطالب مجلس الأمن بمعاقبة رواندا 2

تداعيات إنسانية كارثية

منذ دخول متمردي M23 مدينة غوما يوم الأحد، فرَّ الآلاف من السكان هرباً من العنف. وأفاد مسؤولو الأمم المتحدة عن أعمال عنف ونهب، بينما تعاني المستشفيات من اكتظاظ شديد.

غوما مركز تجاري وإنساني إقليمي، مما يجعل سقوطها في أيدي المتمردين تطوراً خطيراً يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية. وحثت الولايات المتحدة مجلس الأمن على اتخاذ إجراءات لوقف الهجوم.

من هم متمردو M23 وما هي أهدافهم؟

تعد M23 واحدة من حوالي 100 مجموعة مسلحة تتقاتل للسيطرة على مقاطعة شمال كيفو الغنية بالمعادن، والتي تشمل غوما. تتألف الحركة بشكل رئيسي من أفراد قبيلة التوتسي الذين فشلوا في الاندماج في الجيش الكونغولي.

وقادت الحركة تمرداً ضد الحكومة عام 2012، قبل أن تظل خاملة لعقد من الزمن، ثم عاودت نشاطها عام 2022. ويرجع أصل الصراع إلى ما بعد الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، حيث فر مئات الآلاف من الهوتو إلى الكونغو خوفاً من الانتقام، مما تسبب في توترات مستمرة في شرق الكونغو.

أهمية السيطرة على شرق الكونغو

تمتلك الكونغو ثروة معدنية هائلة تشمل النحاس، الكوبالت، الليثيوم، والذهب، وتُقدّر قيمتها بنحو 24 تريليون دولار. نظراً لاعتماد العالم المتزايد على هذه المعادن في صناعة الإلكترونيات، أصبحت المنطقة محط أنظار العديد من الدول، بما في ذلك رواندا، أوغندا، الصين، والولايات المتحدة.

دور رواندا في الصراع

اتهمت الكونغو والولايات المتحدة وخبراء أمميون رواندا بدعم حركة M23، التي يبلغ عدد مقاتليها الآن حوالي 6500 مقاتل. وعلى الرغم من إنكار رواندا لهذه الاتهامات، إلا أنها اعترفت بوجود قوات وأنظمة صواريخ في شرق الكونغو، مدعية أن ذلك لأغراض أمنية.

تداعيات سقوط غوما

يعتبر سقوط غوما انتصاراً كبيراً للمتمردين وهزيمة كبرى للقوات الحكومية، مما يعرض المدنيين لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وذكرت رافينا شميداساني من مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن سقوط غوما سيؤدي إلى “تأثير مدمر على المدنيين”.

هل يمكن حل الأزمة؟

في عام 2012، سيطر متمردو M23 على غوما لمدة أسبوع قبل أن يستسلموا تحت الضغط الدولي على رواندا. لكن هذه المرة، يبدو أن المتمردين يعتزمون الاحتفاظ بالسيطرة على غوما وطرق الإمداد في شمال كيفو، مما يجعل الحل أكثر صعوبة.

وضع المدنيين

يعيش المدنيون في شرق الكونغو أوضاعاً مأساوية، حيث يوجد 4 ملايين نازح، بالإضافة إلى مئات الآلاف الذين فروا من منازلهم في الأسابيع الأخيرة. وأفادت الأمم المتحدة أن حوالي 300 ألف شخص فروا من معسكرات النزوح إلى غوما، ليجدوا أنفسهم محاصرين مجدداً بسبب العنف.

مع استمرار الصراع، يبقى مستقبل شرق الكونغو معلقاً بين نيران الحرب ونداءات السلام، بينما تواجه المنطقة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.