صرخة لأولي أمر هذا الوطن .. بقلم : السفير محمد مرسي
اتسعت رقعة الشطرنج في منطقتنا وازدادت تشابكا وسخونة وتعقيدا. فهاهي تركيا توقع اليوم اتفاقا أمنيا مع السودان شقيقتنا التوأم وعمقنا الإستراتيجي لتأمين البحر الأحمر !! ؟ منحت تركيا بموجبه إدارة جزيرة سواكن السودانية جنوب شرق مصر مباشرة لتضاف إلي تواجد تركي مماثل في قطر والصومال وبلاد الشام .
هناك أيضا القوس الإيراني الذي يقترب الآن من الشكل الدائري من لبنان إلي سوريا والعراق مرورا بالكويت وقطر والبحرين وبعض التأثير شرق السعودية ثم اليمن وجيبوتي وتشاد وسعي للتواجد في شرق إفريقيا بالإضافة إلي السودان
وهاهي إثيوبيا تواصل تنفيذ بناء سد النهضه وبدء دراسات سدود أخري مع إعادة ترتيب علاقاتها ببقية دول حوض النيل تحسبا لأي رد فعل مصري وإجهاضه. يدعمها في ذلك الراغبون في أذي مصر وإضعافها وهم إسرائيل وتركيا ودوّل عربية شقيقة للأسف وآخرين .
وهاهي إسرائيل تمضي قدما وبكل ثقة في استكمال حلم إسرائيل الكبري وعاصمتها القدس الموحدة.
ولا تخلو المائدة العربية ورقعة الشطرنج من لاعبين دوليين متمرسين في الإفتراس خبراء في التقسيم العادل للغنيمة بين الأكلة اللئام القساه. وهم الآن في خضم مفاوضات شاقة يتخللها في بعض المراحل عمليات استعراض للقوة للتقسيم وتمزيق الأشلاء في كافة أنحاء الوطن العربي التعيس. وهاهي روسيا تحقق تقدما علي الأرض مع تراجع مؤقت للولايات المتحدة وتنافس علي مستوي أقل يضم فرنسا وبريطانيا وتركيا وإيران ومعهم اسرائيل . ويبدو أنهم جميعا علي وشك استكمال مهامهم.
لا أتهم أيا من هذه الدول بالتورط في مؤامرة كونية ضد العرب أو بالعمل ضد مصالحنا أو بخيانتنا . بل إنني أري العكس فهذه الدول صادقة مع نفسها مخلصة لمصالحها . بل إن أشقائنا الذين تعاونو معهم يبدو أنهم قد أعادو أيضا حساباتهم وفق رؤيتهم – الخاطئة بالطبع – لتوازن القوي الجديد في المنطقة واتخذو قراراتهم التي سيدفعون ونحن معهم أثمانها الباهظة. كما أعتقد أن هذه الدول الكبري ستتهم بالغباء السياسي إذا لم تحسن استغلال فرصة الخلافات والإنقسامات الدينية والعرقية والطائفية بين الدول العربية والإسلامية.
كنت أتمني أن تكون كلماتي آخر العام أكثر هدوءا وتفاؤلا خاصة وأن لدينا ما يكفي من مشاكل وقضايا وتحديات داخلية. ولكن عذري أني أراها صرخة لأولي أمر هذا الوطن – خاصة في مصر – بأن يعيدو تحديد الأولويات وأن يعيدو تعريف الأمن القومي المصري والعربي وعلاقات الأشقاء ، وأن يعيدو كذلك بموضوعية تقييم ما لدينا من قدرات وأوراق وتنسيق سبل استخدامها . وأن يتم ذلك اليوم قبل الغد.
حفظ الله بلادنا .