صلاة الغائب…..أحكامها ومشروعيتها

ما حكم صلاة الغائب؟
لا خلاف بين أهل العلم أن الأصل في صلاة الجنازة أن تكون على ميت حاضر، وأن توضع بين يدي الإمام والمصلين معه، كما ثبت ذلك في السنة القولية والفعلية والتقريرية. فأما
الصلاة عليه وهو غائب فقد ثبتت أحاديث صحاح مشهورة متفق عليها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي حين مات بأرض الحبشة، فنعاه إلى المسلمين وقال: «قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم فصلوا عليه»، قال جابر بن عبداللَّه: فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ونحن صفوف. وفي رواية قال: «إن أخاً لكم قد مات، فقوموا فصلوا عليه».
والصلاة على الميت دعاء ورحمة، ينتفع بها الغائب كما ينتفع بها الحاضر، وهذا معنى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي وهو غائب، وهو مذهب الشافعية والمعتمد عند الحنابلة.
ولا يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي لأنه لم يصل عليه أحد، فإنه لم يأت في الأحاديث أنه لم يصل عليه أحد، بل عللت الصلاة عليه بكونه رجلاً صالحاً، ولم تعلل بكونه لم يصل عليه أحد.
كذلك الصلاة على من صُلّي عليه مشروعة أيضاً، كما ثبت عن يزيد بن ثابت أخي زيدٍ قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل: فلانة فعرفها. فقال: «ألا آذنتموني بها »؟ قالوا: يا رسول اللَّه كنت قائلاً صائماً، فكرهنا أن نؤذيك. فقال: «لا تفعلوا، لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به، فإن صلاتي عليه رحمة» ثم أتى القبر، فصففنا خلفه، وكبر عليها أربعاً.
فرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كرر الصلاة على ميت بعد دفنه بعد أن صلى عليه أصحابه.
فخلاصة الذي نراه جواز الصلاة على الغائب ما لم يتخذ عادة، واتخاذه عادة غير مشروع فإن الأمة لم تعرف الصلاة على كل ميت غائب، إنما كانوا يفعلون ذلك لمن كان له اعتبار خاص عند المسلمين، كالنجاشي لما له من نصرة المسلمين الذي هاجروا إليه للحبشة، وكالمرأة السوداء التي كانت تنظف مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لما لها من المعروف للمسلمين.
ونذكر إخواننا بأن هذه المسألة من مسائل الخلاف، فلا ينكر فيها على المخالف ولا يصح وصفها بالبدعة.
من فتاوى المجلس الاوربي للافتاء