الصراط المستقيم

عاشوراء وإحياء الأمل

كتب:هاني حسبو.

كلما جاءت ذكرى عاشوراء قفزت إلى الذهن قصة من أروع قصص القرآن وأكثرها تكرارا في القرآن ألا وهي قصة موسى وفرعون.

ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون ونحن نصومه تعظيما له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن أولى بموسى منكم وأمر بصيامه”رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

هذه القصة العجيبة تبرز لنا وتوضح لنا أن الباطل مهما علا لابد أن يأتي يوم سقوطه ويوم نهايته.

لنرى أحد مشاهد هذه القصة العجيبة لنرى كيفية نصر الله لمن نصره واستجمع شروط النصر:

“فلما تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ  قَالَ كَلَّا ۖإِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ  فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ  وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ  وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ  ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ  إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ  وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم”الشعراء68:61.

إنها الصورة الكاملة لمن أراد أن يراها بوضوح,الآن موسى ومن معه على حافة الهاوية البحر من أمامهم وفرعون وجنوده من خلفهم فخاف القوم وقالوا:”إنا لمدركون” هنا يتدخل المعلم ليرشد تلاميذه إلى الطريق القويم المستقيم ألا وهو”كلا إن معي ري سيهدين” بلسان الواثق من وعد ربه.

عندئذ يأتي النصر من عند الله وانفلاق البحر ونجاة الفئة المؤمنة.

حدث هذا في يوم عاشوراء.

مشهد آخر من مشاهد عاشوراء وقصة موسى وفرعون:

(آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس:90]

قالها فرعون بلسان الجبار لما ذاق العذاب فآمن إيمانا اضطراريا لما علم هلاكه وفناءه.

فرد الله عز وجل عليه هذا الإيمان الاضطراري فقال سبحانه:

(آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) [يونس:91، 92].

درس آخر من دروس عاشوراء وهو الإيمان الحق هو الذي ينفع صاحبه ويكون رفيقه في الملمات والمهمات.

طالما أن العبد يسير في الاتجاه الصحيح ويتحلى بكل مقومات الإيمان وشروطه ومتطلباته فيقينا سينصره الله ويثبته الله مهما كانت ابتلاءاته ومهما كانت وة الفتن المحيطة به.

مشهد ثالث من مشاهد الأمل وعاشوراء مع هذه القصة الخالدة:

(مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)القصص 38

وفي مقولة أخرى :

“أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى ) [النازعات:24]

ولكنه حين حل به العذاب لم يُغن عنه ملكه وسلطانه، ولا جنده وأعوانه، ولا تبجحه وادعاؤه، (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى) [النازعات:25، 26.

يصور لنا القرآن هذه المشاهد ليحيى الأمل في نفوس العباد مهما كانت الصورة قاتمة ومهما كانت الفتنة مؤلمة.

هذا الأمل هو الوقود الذي يسير به العبد المسلم ليصل إلى الله عز وجل.

الأمل هو الزاد المنتظر لتستمر الحياة الطيبة ليصل المؤمن إلى مبتغاه ومنتهاه.

عاشوراء هي ذكرى الأمل وإحياءه في النفوس.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.