أراء وقراءاتشئون عربيةمصر

عبدالغفار مصطفي يكتب : فُجر الفساد والفاسدين..!!

مظاهرات بمصر ضد الفساد (الارشيف)
مظاهرات بمصر ضد الفساد (الارشيف)

دائماً ما يوجه الرئيس السيسي في كلماته وأحاديثه إلي خطورة الفساد وأنه من أخطر الظواهر السلوكية والأخلاقية والإدارية التي تواجه مصر.
وبما أن الفساد عشش في دهاليز الجهاز الحكومي لأكثر من 30 عاماً فقد فسدت أجيال وتربت عليه.. وظهرت أسر مشوهة بين فقر مدقع وثراء فاحش وغامض. ومن بين هذا وذاك وجدت أنماط مشوهة في السلوك والأخلاق.. حيث مجتمع الوفرة الذي تجاوز حدود السفه ومجتمع الحاجة الذي تجاوز حدود القاع.. وفيه انتشرت أوبئة كثيرة وفيروسات شتي بفعل الزمن إذ تضخمت هذه الأوبئة وتلك الفيروسات وأصبحت صعبة علي العلاج.
إن الفساد لا يكمن فقط في نهب المال العام أو الاعتداء عليه. إنما الأخطر هو فساد البشر حيث تضيع أخلاقهم وسلوكهم ومعه تنمو ثقافة التوريث والتشويه في التعليم وضياع التربية. إذ انتشرت بين هؤلاء نغمة أنهم الأولي بالوظيفة والورثة الأحق بكل مقدرات الشعب.
إن فُجر الفساد والفاسدين أشاع الوهم والتدليس والغش والكذب وتلك ظواهر من خلالها جمع الفاسدون المال والمنصب دون جهد وبلا شرف وتناسوا أن هذه الظواهر لا تبني أمة تنهض بنفسها. فسقوطها سهل إذا لم تفق!!
من فُجر الفساد والفاسدين أيضاً أن سادت ظاهرة الرويبضة وهم التافهون الذين يتحدثون في شئون العامة وهم الذين يتكتلون علي قصعة واحدة يأكلونها فتنتفخ جيوبهم وتصبح الثروة هي المتحدث الرسمي والوكيل الشرعي لمن ضل وضلل وكذب ونافق وارتشي وسرق..
إن هذه الظواهر هي حال بعض المصريين الذين لا يألون جُهداً إلا وقد أقسموا علي الفساد وحمايته إذ المصالح الضيقة أفضل وأهم عندهم من مصر. فالفساد هو نبتهم الذي يُروي بنفاقهم ودجلهم وتدليسهم ومن هذا النبت يتحدون كل القيم الإنسانية.
إن فُجر الفساد والفاسدين يتحدي الدولة بكل مستوياتها وما تسريب امتحانات الثانوية العامة إلا زاوية من زوايا الفساد وهو ما حذرنا منه كثيراً عبر “حياة الناس”.
نعم الفساد يكون حين يكونوا البشر.. لكن جهد الدولة وقوة القانون وعزيمة المخلصين من شأنهم تقليص ومحاربة هذا الفُجر الذي بات مشاعاً بيننا وسلوك الفهلوة الذي أضحي عنوان تلبيس الحق بالباطل والباطل بالحق في مجتمع يئن من الفقر وغلاء الأسعار بلا مبرر. فضلاً عن أمراض تتسع دائرتها كلما اقتربنا من محيطها لأنه فُجر الفساد والفاسدين.
إن تسريب الامتحانات علي سنين متوالية هو درب من التحدي وإصرار عليه وهو في الأصل فساد موظفين ومسئولين وأصحاب مصالح يُغطيهم قانون ضعيف تؤرجحه وجهات نظر غير دقيقة ولا حاسمة. وقبيل الامتحانات أمطرنا وزير التعليم بتصريحاته وجوقته من حوله أنه يتحدي التسريب وها هو قد حصل وتصريحاته ما كانت إلا زبداً ذهب جفاء. وما شبكة النت إلا وسيلة تأتيها هذه التسريبات. وهذا سلوك ليس مستغرباً من أناس في شعب ينفق علي المخدرات أكثر من 20 مليار جنيه وعلي السجائر نحو 30 مليار جنيه وعلي الصراخ والرغي في المحمول نحو 30 مليار جنيه وعلي المسلسلات الرمضانية نحو 2.5 مليار جنيه تشبه بعضها بعضاً وعلي الدروس الخصوصية نحو 40 مليار جنيه. مع أن نفاياته تملأ شوارع مدنه وقراه ويهرب من تذكرة القطار والمترو ويخالف لحظة بلحظة قواعد المرور ويترك أعمدة الكهرباء مضاءة نهاراً ويغش في الميزان ويبيع السموم وكذا تشيع بينه شهادة الزور التي تضيع الحقوق ويبني رأيه علي أساس مصلحته ومواقفه انطباعية لا يحب الجودة. يقوده الهوي وإذا تحدث أفصح عن عشوائية عقله والصور الذهنية الفاسدة المعششة فيه.
إن فُجر الفساد والفاسدين لا تُصلحهم الإعلانات ولا تُردعهم الخطب في المساجد. إنما تفعيل القانون وتغليظه والعدل في تطبيقه هي الحرب بعينها علي فُجر الفساد والفاسدين الذين بسببهم باتت سمعة مصر الدولة علي المحك وفي ترتيبات النزاهة والشفافية وتأثير ذلك كله علي الاقتصاد العام الذي هو المحرك الرئيسي لتنمية حقيقية مستدامة.

بقلم:عبدالغفار مصطفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.