عبد الغفار مصطفى يكتب :أبا القاسم فى ميلاده وحالنا العام والخاص
أبا القاسم.. ماذا عساى أن اذكر من سيرتك وهديك وشمائلك.. ما أروع نعمة مولدك يا أجمل الخلق وأشرفهم وأعظمهم.
أبا القاسم.. ماذا عساى أن أكتب وأنت حبيب الله.. وقد أثنى عليك وصلى عليك وواساك وشرح صدرك.. وقد طوع لك الحجر والشجر والبشر والجبل والجمل.
أبا القاسم.. سعيت ولازلت أسعى للقرب منك باتباع هديك والقرب من سنتك.. فلغة الكلام على فمى خجلا.. وفى حبك هائم.. ومهما جاءت كل المعانى فإنها قد تضاءلت وتحيرت أمام شمائلك وفى نور مولدك لفّت عزة بالأرض وأمست لنورك تنتمى وأضحى بها سرائر بهدى الأقدار لم تعلم.
أبا القاسم.. كم بشر الأرض فى حاجة إليك.. وقد غرقوا فى بحر لجى من الظلمات.. وتاهوا فى أمواج متلاطمة من المشكلات.. فقدوا من يحنوا عليهم ويأخذ بأيديهم، فالحروب واقعة مدمرة والدماء نازفة والمصالح قد تشابكت والقوة سائدة والعقول قد يتمت والألسنة تضخمت.. والعيون شاخصة أبصارها.. والحيارى حيارى قد فقدوا البوصلة عن هديك.
أما المسلمون أبا القاسم.. فقد حادوا عن الطريق وأضحى الرويبضة هم نجوم هذا الزمن هم الملاك والمفتون وصناع القرار واصحاب الثروات.. وبين هذا وذاك، فالتمزق حاصل والفرقة قائمة والفتنة تطل برأسها والإعصار بينهم دائم.. ويتقاعسون عن النهوض للحاق بركب الأمم وكأنهم قد التزموا الضعف وأخذوا بأسبابه ويتجنبون القوة ويحذرون مسالكها.
المسلمون اليوم أبا القاسم.. قد أثقلتهم الجراح وأقعدتهم عن السير العثرات.. فتجرأ عليهم من تجرأ وتداعت عليهما الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها.. وباتوا غثاء كغثاء السيل.. وهاهم قد تخلفوا فى الصناعة والزراعة، لا يعرفون عن التكنولوجيا الا القليل.. ولاسياحة ولاتعليم.. والأمراض كلبشت فى أجسامهم.. حتى الرياضة والفنون هزل وهرج ومرج.
أما مدعو الإسلام أبا القاسم.. فلا نرى منهم سوى مظهر كاذب، بينما سحنتهم سحنة الإسلام.. بيد أن سلوكهم سلوك أعداء وبيانهم كذب.. تافهون متفيقهون.. لايعرفون من الإسلام الا شكله.. ويحرفون الكلم عن مواضعه.. بل وربتهم أجهزة مخابرات وسخرتهم لضرب الإسلام والوقيعة بين الجماعة المسلمة.
ومن الحال العام إلى الحال الخاص.. فقد كثرت الوعود وجحظت العيون أمامها واشرأبت لها النفوس وتأملت الإنقاذ من كثرة الخطط التى أودت باقتصاد مصر الى الحضيض فزاد أعداد المتسولين.. وسقط الناس فى أدنى حدود الكفاية، وباتت عزة النفس والكرامة والتعفف قيم بين صفحات الشعر والقصص القصيرة.. واذا بالإصلاح الذى وعدوا به نجد بعضهم قد مات فى هجرة غير شرعية بعدما تعثرت أحلامهم الحقة وتسربت بين الرمال وقد غسلتها مياه البحر وتاجر بها سماسرة الأحلام وكذابوا الفضائيات ومدلسوا الصحف وغدا الناس يهيمون على وجوههم تعلوهم الحسرة والانكسار وفى فمهم ماء.
ناهيك عن حال الأزمات التى يستيقظ المصرى على تفجرها لضعف أداء حكومة لا تستحى من ضآلة كفاءتها رغم أن البسمة لاتفارق وجوه وزرائها فى اجتماعاتهم التى لاتسفر عن شىء يستشعره المواطن بشكل أو بآخر.. فى حين أنها تختصر أدائها الذكى فى كيلو الزيت والسكر والأرز.. أما المستشفيات فقد فارقتها الصحة وباتت كالمقابر ووسط بيئة ملوثة والقمامة تملؤ الشوارع وكأنها فى دولة بلا حكومة.. أما الطرق فهى متهالكة واذا جاءت رخات مطر فالمدن تغرق.. والانحياز لأصحاب الثروة الفاسدين يعلن بتبجح خوفا من هروب المستثمرين الذين يقفون طابورا ويزاحمون على المشروعات التى لا تغنى عن جوع ولا تسمن من هزال المشهد أبا القاسم..
ان سفينة اقتصادنا لم ترسو بعد على مرفأ تراه العين بينما شعارات الببغاوات تهلل دوما بالمستقبل الواعد مع أن الحاضر ينطق بما يحويه..!!