إن كانت الحكومة والبنك المركزي قد بدآ في اتخاذ إجراءات لازمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي. إذ قام المركزي بتحديد قيمة الجنيه بشكل يومي كما يراه أمام العملات الأخرى أهمها الدولار ، ورفع اسعار الوقود.
خطوات تراها الحكومة أنها تستهدف عجز الموازنة الذي بلغ 12.2% من الناتج المحلي والدين العام وقد بلغ نحو 2.48 تريليون جنيه بزيادة 17.5%. وهذه الخطوات والإجراءات تستهدف نمواً يصل لنحو 6%. وكما تري الحكومة أنها إجراءات من شأنها تحسين أحوال ومعيشة الناس.
إن تحسين أحوال ومعيشة الناس يستلزم حزماً وحسماً في ترشيد الإنفاق وبكل شفافية وليس مجرد شعار نردده في الصحف وأمام الكاميرات. كما يحتاج إلي موارد مالية وأفضل مصادر الموارد هو الإنتاج والتصدير والتعامل مع الأزمات المفاجئة بروح الوطنية والإخلاص والمصارحة بعيداً عن الوعود البراقة وبالأساليب غير النمطية فضلاً عن الإيقاع السريع للتعامل مع الأزمات.
أيضاً تحسين الموارد المالية يأتي من مواجهة نزيف الهدر والفاقد في ثروة وموارد البلاد . . مثل التهرب الضريبي والذي بلغ في المحاكم نحو 60 مليار جنيه وكذلك النقص في نسبة الضرائب المحصلة إلي الناتج المحلي لا تتجاوز 13% بينما في دول أخري 34%. وأيضاً من الضروري التحول إلي الدعم النقدي لوصوله إلي مستحقيه الفعليين وليس إلي كبار الموظفين والمسئولين وأصحاب الثروات وعلينا أيضاً بالسياسات التي من شأنها تقليل نطاق الفقر. فالوقاية من الفقر خير من العلاج.
إن الإصلاح يدعونا إلي مواجهة السياسات المالية التي تكون ضرورة لخفض عجز الموازنة وفيه سجلت مصروفات الدولة حوالي 817.8 مليار جنيه بزيادة 11.5% وتلك الإصلاحات تتطلب الالتزام بضوابط صارمة ومواءمة بين اعتبارات العدالة والكفاءة وهذا يتطلب خفض الإنفاق غير الضروري مثل مكاتب الوزراء وكبار المسئولين وسفرياتهم. مع وضع ضوابط علي سفر المصريين للسياحة والحج والعمرة وتقليل البعثات وفرض ضرائب تصاعدية حقيقية وكذلك ضرائب علي الأرباح التي تتحقق من تعاملات البورصة. وضرائب علي الأرباح الرأسمالية وضريبة علي الثروة وأنا هنا لا أقترح بدعاً ولكنها في كل الدول المحترمة التي تطبق العدالة الاجتماعية والتكافئية.
لا يمكن أن ينجح أي إصلاح اقتصادي من قبل السلطة الحاكمة إلا برضا اجتماعي بين طوائف الشعب المختلفة ذلك أن الرضا الاجتماعي يمتد إلي الواقع عبر مسارات مختلفة بمعني التأييد الكامل من قبل الشعب للسلطة الحاكمة بكل ما تتخذه من إجراءات إصلاحية.
إن الشعب المصري قد عود حكامه المخلصين الوقوف بجانبه إذا استشعروا من الرضا الاجتماعي بالعدالة الاجتماعية والتكافئية مستهدفين مصلحة الوطن ومستقبله.