أراء وقراءات

“عربات جدعون”.. محاولة لطمس القضية وصمود غزة يُفشل المؤامرة

بقلم أيقونة الاتزان / السفير د. أحمد سمير

في خضمّ الصراع بين الفلسطينيين أصحاب الأرض وبين المحتل الإسرائيلي، تتكرّر محاولات الصهيونية العالمية  لطمس القضية الفلسطينية وإلغائها من الوعي الجمعي العربي والعالمي، ولكنها كثيرًا ما ترتطم بصخرة الإيمان والكرامة، وبصمود شعبٍ جسور لا يعرف الانكسار، هو شعب فلسطين الأبي.

“عربات جدعون”.. عنوان ديني لحرب إبادة

تجسيدًا لمساعي الاستئصال والاقتلاع، أطلقت إسرائيل على عمليتها العسكرية الجارية في قطاع غزة اسم “عربات جدعون”، في إشارة إلى القائد التوراتي جدعون بن يوآش، الذي ينسب إليه في الأساطير التوراتية انتصارٌ إعجازي على الأعداء. وهكذا يتشح العدوان بغلالة دينية تمنحه طابعًا “مقدسًا” في نفوس جنوده، وتبريرًا ضمنيًا لسفك الدماء، بذريعة الحرب على “الشر”.

لكن هذا الاسم، مهما بدا ضاربًا في رمزية القتال، لن يطمس حقيقة أن ما يجري هو محاولة مكشوفة لدفن الحقوق، وسحق إرادة شعب، واستغلال عالمي للإعلام والرأي العام لتزييف الحقائق وتشويه القضية.

القصف مستمر.. والمجزرة تتواصل

منذ السبت 17 مايو 2025، شرع الجيش الإسرائيلي في تنفيذ سلسلة غارات مكثفة على قطاع غزة، استهدفت أكثر من 150 موقعًا، مخلّفة عشرات الشهداء والجرحى، وموجة جديدة من الرعب والدمار. وبحسب مصادر ميدانية، باتت القوات الإسرائيلية تسيطر فعليًا على ما بين 35 و40 في المائة من أراضي القطاع، وسط خطط معلنة لتوسيع السيطرة العسكرية.

وفي حديثه لوسائل الإعلام، أكد د. مروان السلطان، مدير المستشفى الإندونيسي شمال غزة، أن المستشفى استقبل في الساعات الأولى من السبت 58 شهيدًا و133 مصابًا، مشيرًا إلى أن “الوضع كارثي، وعددٌ كبير ما زال تحت الركام”.

الإعلام الغربي يغضّ الطرف.. والضمير العالمي يتراجع

من أخطر أوجه هذه العملية هو التعتيم الإعلامي الذي رافقها منذ اللحظات الأولى. فقد غابت التغطيات المباشرة من بعض القنوات الكبرى، أو اكتفت بالإشارة إلى أن “إسرائيل تردّ على هجمات”، متجاهلة عشرات الشهداء من المدنيين، وغضّت الطرف عن المجازر التي تُرتكب بحق شعب محاصر منذ سنوات.

وبات واضحًا أن القضية الفلسطينية لم تعد تتصدّر الأخبار العاجلة كما في السابق، حيث تراجعت خطوط الدفاع الدولية، وتحوّلت “الخطوط الحمراء” إلى رماد، في ظل صمتٍ دولي مخجل.

ذاكرة الشعوب أقوى من القنابل

ومع ذلك، فإن محاولات محو القضية الفلسطينية من الوعي لا تزال تصطدم بثوابت راسخة، أبرزها صمود غزة الذي يكتبه التاريخ بحبر من دم وكرامة. فحتى وإن تواطأت الأبواق الإعلامية، وتخاذلت بعض المواقف السياسية، فإن الشعب الفلسطيني يجدد العهد مع قضيته في كل لحظة.

فكلما أُطلقت “عربات جدعون” جديدة، نهض جيلٌ جديد يحمل الراية، ويصرخ: “لن ننسى، ولن نغفر، ولن نخضع، مهما تخلى عنا الجميع”، فاللقاء مع الحق آتٍ، ونصر الله قادم، و”عند الله تجتمع الخصوم”.

السفير د. أحمد سمير

عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة

السفير الأممي للشراكة المجتمعية

رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى