عشر مهمات .. في اغتنام يوم عرفات

بقلم/الدكتور عبد العزيز كامل.
عرفات ليس يومًا لإضاعة الأوقات..في تدبير الخَرْجات والروحات ..أو التماشي في الأسواق والطُرقات لإعداد وسائل التمتع بالعطلات ..
إنّه يوم الشَرَف لتشريف اللهِ له..فلا أعظم منه لتعظيم العظيم له..حتى عَدَّه النبي – صلى الله عليه وسلم – عيدًا قبل العيد فقال: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام مِنىً عيدُنُا أهل الإسلام ) رواه أبو داود وصححه الألباني.
فهو عيد العباد .. لإظهار عبوديتهم لمعبودهم العظيم في ذلك اليوم العظيم الذي (يباهي الله بأهل عرفات أهل السماء) رواه أحمد وصححه الألباني .. وينزل فيه الرب الكريم فيتفضل بمزيد المن والكرم حتى إنه ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة) رواه مسلم .
ولهذا لايُرى الشيطان أدحَرَ ولا أخزى منه في ذلك اليوم ..
● لذلكم؛ فنحن مدعوون فيه ألا نخلي لحظة من لحظاته ولا نقضي نَفَسًا من أنفاسِهِ إلا في أحوال قُربى ..تقربنا الى الله زلفى ..
وهذه عشر مهمات..لاهتبال غنائم يوم من عمرك يقدر بسنوات، فقد سما بالمعارف الإلهية التعبدية حتى تسمى ( يوم عرفات )..
١_ نم ليلته مبكرًا بنية التَقَوِّي على أعمال التَقْوَى ، ولتقوم قبل السَحَر لسُنَّة السحور ، فصيام ذلك اليوم ( يكفر السنة التي قبله ، والسنة التي بعده ) .. رواه احمد والترمذي بإسناد صحيح
٢_ قم ليلة عرفات بما يتيسر من ركعات ، خاشعًا في قيامك وركوعك.. وداعيًا الله متبتلاً باكيًا أو متباكيًا في السجود.. بأن يجود الله عليك – وهو الجواد الكريم – بما يحب وما تحب من أسباب سعادة الدارين..
٣_ لا تنس في وقت السَّحَر أن تُكثر من التطهُر بالتوبة والاستفغار ، لعل اسمك يسجل في سجل المستغفرين بالأسحار .. ثم تجهز للتطهر بماء الوضوء مستحضرًا – وكأنك ناظرًا – إلى خروج آخر ذنوبك مع كل قطرة تخرج من أعضائك ، وداعيًا في دعاء المتوضئين.. بأن يجعلك الله من التوابين ويجعلك من المتطهرين..
٤- بعد صلاتك فجر عرفة مع الجماعة..ابدأ مع المصلين في سنة التكبير المقيد الى آخر أيام التشريق.. مستحضرًا مع كل تكبيرة أن اللَهَ أكبر كبيرًا .. ومستذكرا ومستعرضا ما استطعت من نعمه عليك.. لتشكره مع كل ماتذكره حمدًا كثيرًا ..
ولْتَجلِس بعدها في مصلاك حتى شروق الشمس متقربًا للرحمن بتلاوة القرآن ومتنقلًا بين صنوف الأذكار .. بادئاً في يوم خير الدعاء بأدعية وأذكار الصباح والمساء، ثم بما تيسر من محفوظاتك أو مقروءاتك.
٥ – شارك الحجاج والمعتمرين ..إن لم تكن معهم – بعد جلوسك للذكر في مصلاك .. بركعتي الإشراق ..فليس على الله بعزيز أن تنال معهم أجر حج وعمرة تامة.. تامة.. تامة، يكتبها الله كل يوم – كما صح الحديث – لمن صلى الفجر في جماعة، ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس..
٦ – نَمْ – إن شِئتَ – شيئًايسيرًا ،جاعلًا ساعة نومِك طاعة..بأن تنوي بها مزيد التمكن والاستطاعة لأن تكون من الذاكرين الله كثيرًا، في (خير يوم طلعت عليه الشمس) .. وذلك حتى تغرب الشمس .
٧- ركعات الضحى مثنى مثنى.. فإن شئت اثنتان أو ثمان أو أكثر .. فاستفتح بها خيرَ نهار.. متنقلًا ومنوعًا بعدها بين الطاعات حتى لا تمل : ذكرا وحمدا وشكرا .. و تسبيحا وتكبيرا .. مع تخلل ذلك بالتلاوة والاستفغار ..مكثرا بعد إكثار الصلاة على النبي من الدعاء ..مخللا دعاءك بشهادة التوحيد..فخير ماقاله النبي صلى الله عليه وسلم والنبيون من قبِلهِ : ( لا إله إلا الله وحده لاشريك له..له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير)..
٨- بعد صلاة الظهر مع المصلين ثم التكبير مع المكبرين .. اُخْْل منفردا بنفسك، عاكفا لربك، تاليًا متدبرًا لكتابه بقلبك وعقلك.. واستمع – إن شئت – لخطبة عرفات المنقولة على الأثير .. وعرِّف نفسك في عرفات بآفاتها، واعترف أمامها بذنوبها…وواعدها على الارتقاء بها.. داعيًا اللَهَ ان يجعلك من شهود صعيد عرفات في قابل السنوات.. وأخلص في ذلك النية، فإنما الأعمال بالنيات، ونية المرء خير من عمله.
٩- بعد شهودك صلاة العصر في جماعة..تهيأ لبدء أثمن ساعات العُمر ..مقبلًا غير مُدبر.. على الدخول في رحاب رحمات الرحمن قارعًا بابَهُ .. ومقارعاً عِدُوه .. فلعلك تخزي إبليس في ذلك اليوم وتدحره وتُصَغِّره، بالذكر والشكر والتوبة والاستغفار ..فتمسح في لحظات ما حملك في سنوات من الأوزار..
١٠ – أقبل بقلبك بعد الصلاة الوسطى على أجَلِ أعمال القبول وأسرع طرق الوصول .. متابعا تلاوة القرآن…وكأنك تستمع بأذني قلبك لكلام الواحد الديان..واستحضر مقامك في حضرته – سبحانه – وكأنك تخاطبه وهو يخاطبك .. وتستمع إليه وهو يستمع إليك..
فهو – عز وجل – أعلم بك منك.. وأقرب من نفسك إليك ..وأسْمِعْهُ – وهو السميع العليم – شكواك واقترب إليه بنجواك…وتَعَوَُذ بوجِهِهِ أن يتسرَّب إلى ظنك أن ذنبك كبير على مغفرته ..أو أعظم وأوسع من رحمته ..
وبذات اجتهادك في دعائِك لنفسِك .. ادْع لغيرك مِنْ أهلِك وأحبابك وجيرانك وأقرانك.. الأحياء والميتين.. وجميع إخوانك المسلمين.- وبخاصة المستضعفين المظلومين – متضرعا -حتى تغرب الشمس- مبتهلا للإله البر الرحيم بأن يرحم غربتنا في زمن الغربة.. ويفرج كربتنا ولايفتنا في ديننا، وألا يجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، وألا يسلط علينا من لايخافه فينا ولايرحمنا، وأن يحسن خاتمتنا، ويجعل عاقبتها طوبى لاعقوبة.. وأن يشفي صدور قوم مؤمنين ..بنصرة الدين وجبر المستضعفين وقهر الطغاة المتجبرين ..
وألِحَّ في دعوة إفطار الصائم التي لاتُردُّ.. بأن يردنا الله إليه ردا جميلًا..وأن يتقبلنا بقبول حسن ..وألا يردنا خائبين، وأن يجعلنا جميعا من عتقائه الناجين الفائزين..
ثم استعد ليوم العيد مبكرا.. مهللا مكبرا .. حامدا شاكرا..
– فالله أكبر الله أكبر الله أكبر
– لا إله إلا الله
– الله أكبر الله أكبر
ولله الحمد.